ثلاث قصص قصيرة/ باسم شرف
|باسم شرف | لست الوحيد لماذا تتعاطفين معي علي أنني وحيد […]
ثلاث قصص قصيرة/ باسم شرف
|باسم شرف |
لست الوحيد
لماذا تتعاطفين معي علي أنني وحيد؟ الوحدة صفة إلهية.. والوحدة شرف الوحيد.. فهل تعاطفتِ مع الله؟
بعد أن شاهد علاء الدين قناة الناس
قبل أن يختم علاء الدين صلاته الليلية تذكر المصباح العجيب والجني فاستغفر الله وسلم ونام.
مصاحبة رجل كفيف لثلاثة أيام
اليوم الأول
في يدك كتاب كل الأسماء لساراماغو، تتصفحه بعد أن استوقفك هذا العنوان أمام بائع الجرائد الذي تمرّ عليه يومًا بعد يوم، وقد كنت انقطعت عن مواصلة قراءة الجريدة لمدة عام وسبعة أشهر. لم يكن أمامك إلا أن تبدأ في قراءة التعليق المكتوب في ظهر الكتاب: “ساراموغو عضو في الحزب الشيوعي البرتغالي مند عام 1949 ويعيش الآن في جزر الكناري”. وقبل أن تفتح الكتاب لتقرأ الفهرس يوقفك طفل صغير:
ـ إنت رايح فين لو سمحت؟
ـ لآخر الشارع.
ـ ممكن توصل الراجل ده معاك؟
أجد رجلا كفيفا جاوز الستين من عمره ينهض من كرسي وحيد خارج المقهى. تمتمت في داخلي بالرفض لأني أودّ استكمال ما بدأت، ولكن عجزه قد منعني من أن أتركه وحيدًا يسير بعد أن فرغ الجميع من تضييع وقتهم وذهبوا حيث المضاجع، بعد وقت طويل تركوه منتظر الصباح لاستئنافه.
أخذته في يدي الأخرى غير المشغولة بإمساك الكتاب، يدور في ذهني كثير من الأسئلة: ماذا يريد ذلك الرجل ـساراماغوـ من هذا العنوان المباشر؟ وبعد لحظات شعرت بأنّ شيئا يتعلق بيدي، فتذكرت ذلك الكفيف وقلت بداخلي: ليه ما تكلمش ولا كلمة؟ قلت: أسأله إلي أين يريد أن يذهب، فأجاب:
ـ بعد الخرابة بشارع عند العمارة الكبيرة اللي ساكن فيها رئيس المجلس المحلي، إنت عارفه؟
ـ أكيد.
أكدت ما يعرفه، وبداخلي أوقن أني لا أعرف من يسكن بهذه العمارة وهذا لطبيعتي الانطوائية فلا توجد علاقة بيني وبين المنطقة التي ولدت فيها.
ولكن ما اسم ذلك الرجل، ولماذا يجلس على هذا المقهى البعيد عن بيته إلى هذا الوقت المتأخر؟ هل أسأله؟
ـ إزيك يا عم محمد؟ صدر هذا الصوت وأنا حائر في أسئلتي من شاب ملامحه صغيرة وبه بعض الشيبة التي تغطي رأسه، فردّ عليه العم: إزيك يا مصطفى يا ابني؟ (ثم صمت برهة) عارف مصطفى ده اتخرّج من السياسة والاقتصاد من حوالي خمس سنين وقاعد من غير شغل ويا عيني أبوه راحت عينيه بسببه، وهو رايح دلوقتي على الشارع العمومي عشان يعيط لوحده ومحدّش يشوفه. هو كل يوم بالليل يعمل كده، دخلني الجامع ده، هو مش مفتوح؟
بعد أن ملأ عقلي بمأساة مصطفى، سألت نفسي كيف عرف أنّ هذا هو مكان المسجد؛ فهل هذه بصيرة الكفيف الذي يرى دون أن ينظر؟
قابلني رجل كفيف آخر يشبهه يجلس على الرصيف: بب بب بريزة عشان أكل. من البديهي أنه سمع وقع أقدامي فعرف أنّ هناك شخصًا، لذلك بادر بهذا الطلب.
لم استطع متابعة ما قد بدأته وظل هذا الوقت بكل تفاصيله عالقة بذهني وأنا واضع رأسي على المخدة (عادة يومية).
اليوم التالي
كالعادة متأخر، وأيضا عم محمد الكفيف يجلس على الكرسي. اقتربت منه وطلبت أن أقوم بتوصيله إلى المسجد، ونفذ رغبتي في توصيلة وبدأت رحلة الأسئلة أثناء المسير بقوله:
ـ عارف يا ابني، كل شيء اتغير، ريحة الأيام، ريحة غدر الناس، وطعم الهوا في بقك.
ثم صمت للحظات واستأنف الحديث:
- إلا قولي، انت بترجع ليه متأخر؟
ـ شغلي.
ـ بتشتغل ايه؟
ـ صحفي.
ـ ياه، وبتتأخروا كده؟
ـ آه الشغل بيكتر طالما فيه بلاوي.
ـ على رأيك الناس إيه اللي في دماغها غير البلاوي؟
عاود الصمت مرة أخرى ولم أجرؤ على قطع صمته إلى أن توقف فجأة:
ـ دخلني الجامع يا ابني، هو مفتوح؟
وبعد أن ابتعدت عنه بحوالي عدة أمتار سألني بصوت عالٍ:
ـ انت اسمك إيه؟
ـ اسمي يوسف.
ثم دخل إلى المسجد من دون أية إشارة لماذا سألني، وماذا يريد من استجوابي فجأة عن اسمي.
وقابلني نفس السائل الكفيف.
اليوم الثالث
لم يكن هذا اليوم مختلفا عن سابقيه ولكن الجديد هو أني لم أجد الكفيف. سألت الشاب الذي كان يجلس على الكرسي المفضل لعم محمد وتبينت الوجه فإذا به مصطفى ليقول:
- عم محمد مين؟ قالها دون أن ينظر لي والشرود سكن ملامحه.
ـ الكفيف.
لم ينظر إليّ، ثم ترك الكرسي باكيًا.
12 يناير 2011
ثلاثة اعمال رائعة
و قد تملكنى العمل الثانى (المينيمال- بعد أن شاهد علاء الدين قناة الناس) بكل كثافته وقوته و تأثيره
سلمت يداك استاذ باسم شرف و كل التحية