إخفاء العالم/ ممدوح رزق
|ممدوح رزق| كان قلبي يدق بعنف بسبب التوتر فطلبت منها أن […]
إخفاء العالم/ ممدوح رزق
|ممدوح رزق|
كان قلبي يدق بعنف بسبب التوتر فطلبت منها أن تسرع لأنّ زوجتي يمكن أن تأتي في أية لحظة. لم تكن في حاجة لهذا الحثّ لأنها كانت تلبس فعلا بأسرع ما يمكنها حتى أوشكت على الانتهاء. كنت جالسا على السرير أتابعها وأتساءل بيني وبين نفسي إلى أين ستذهب بعدما ستخرج من عندي: إلى منزلها حيث ينتظر زوج وولدان أم أنّ لديها موعدَ عمل في سرير رجل آخر من ضمن الذين حكت لي عنهم؟ طلبت منها أن تغني الأغنية. كانت ترفع النقاب إلى وجهها أمام المرآة فتوقفت يداها والتفتت إليّ بتعجب ممزوج بعدم الاعتناء:
ـ إزاي؟.. ده وقته يعني؟!
ثم واصلت رفع يديها لوضع النقاب كأنها تتعامل مع مسألة محسومة وأنني لا أعني فعلا هذا الطلب. أمسكتُ بيدها فجأة بقوة:
ـ عشان خاطري…
ـ إنتَ اتجننت! أنا لازم أمشي بسرعة.
نزعت يدها ثم خرجت من الحجرة بخطوات عصبية. أسرعت من ورائها لأجتاز الردهة نحو باب الشقة حتى أغلقه بالمفتاح الذي ظللت محتفظا به في يدي. رفعت النقاب لتكشف عن عينين مشحونتين عن آخرهما بالغضب والذهول:
ـ إنت بتعمل إيه؟!.. إنت ها تودينا في داهية…
ـ قلتلك عشان خاطري وما تضيعيش وقت أرجوكِ.
ـ طيب ينفع نخليها المرة الجاية؟!
ـ لا أنا عايزك تغنيها دلوقت.. دا غير اني مش ضامن اشوفك بعد كده.
ـ يعني ايه؟
ـ يعني أنا ممكن يجرالي حاجة…
ـ لا ان شاء الله مش ها يجرالك حاجة ووعد ها اقابلك تاني.
ـ بعد عشرين سنة تانية وبالصدفة برضه؟
ـ لا قريب خالص وها أغنيلك اللي إنت عايزه بس سيبني أمشي دلوقتِ…
ـ صدقيني الحكاية مش ها تاخد منك ثانية…
ـ أرجوك سيبني انا أصلا مش فاكرة الأغنية دي.
ـ أنا حاططها على الموبايل…
أحضرتُ الموبايل وشغلت الأغنية وباستسلام في أشد حالاته اختناقا وبرغبة واضحة في قتلي راحت تردّد الكلمات مع إيمان يونس، ثم بدأت ملامحها تهدأ تدريجيا وصوتها يندمج أكثر مع اللحن حتى تشكلت ابتسامة خفيفة على وجهها ظلت تتسع وتكتسب فرحًا متزايدًا مع استمرار الأغنية. كنا نسمع صوت قدمين تصعدان السلالم وتقتربان من الباب ثم سمعنا رنة الجرس ولكنها واصلت الغناء وأنا لم أرفع عينيّ عنها.
http://www.mamdouhrizk.blogspot.com