في ذكرى وفاته: هل كان محمد شكري مثليا؟
يرجع الروبيو سبب تهرب شكري من الإفصاح عن ميوله المثلية صراحة في كتاباته إلى الموروث الثقافي
في ذكرى وفاته: هل كان محمد شكري مثليا؟
في فترات من حياته وتحت وقع الفاقة والحاجة وكذا الرغبة في التجربة والتنويع كما يفعل البوهيميون، مارس الكاتب المغربي محمد شكري نزعاته الجنسية المثلية، سواءً عندما كان يتسكع في أزقة “سوق الداخل” في طنجة أو عندما تعرف على كتاب أجانب أقام معهم علاقات، لم تكن كلها أدبية، أمثال جان جينيه في العرائش وبول بولز في طنجة. هذا ما استخلصناه من حديث مع “الروبيو”، صديق شكري الحميم على مدى ثلاثين سنة.
العالم السفلي
لا تذكر طنجة إلا مقرونة باسم كاتبها المشاغب محمد شكري الذي رحل عن الدنيا منذ ست سنوات. أزقتها وأمكنتها الغامضة تكاد تنطق، كما أنطقها شكري في كتاباته، لتتحدث عن عالم “سفلي” لم يألفه الأدب العربي من قبل. وشخوص حكايات شكري لم تكن من نسج خيالات صعلوك تقمصه مسّ من الأدب، بل كانت من لحم ودم تصارع من أجل البقاء، تقتات من بقايا ليالي طنجة المريرة وحاناتها التي تلفظ أنفاسها الأخيرة مع انبلاج كل صباح. أحد شخوص شكري الروائية يدعى الروبيو الذي يعيش الآن وحيدا صحبة كلبه المستورد، وسلحفاة لا تعبأ بأحد.
“ذكريات محمد شكري لن تنسى. لم نكن نفترق، كنا دائما في الحانات. وحينما نسكر نتحدث عن كل شيء؛ عن الفن والأدب والسياسة وتقواديت (القوادة)”. و”تقواديت” في عرف هؤلاء الليليين تعني الحديث عن بائعات الهوى وعالم الغلمان. “لم تكن تحكمنا رقابة”، وغلمان محمد شكري دائما فوق سن العشرين، يضيف الروبيو وهو يمسد شعر كلبه الراقد قربه.
دوائر الظل
حياة محمد شكري، صاحب “الخبز الحافي” و”زمن الأخطاء”، مليئة بدوائر الظل؛ منها ما يتعلق بحياته كأديب ومنها ما يرتبط بحياته كإنسان قست عليه الحياة، فقسا بدوره على قيمها الأخلاقية في ما يشبه الانتقام. تصعلك في صباه وتشرّد بين أزقة طنجة الضيقة. ضيق الحال وقلة ذات اليد دفعاه إلى امتهان أيّ شيء، حتى الدعارة.
“هناك أشياء عن محمد شكري يصعب البوح بها”، يقول الروبيو واسمه الحقيقي أحمد الكباشي، وهو يفتح ملفات تحوي شذرات من ذكرياته مع شكري. وحينما يشعر بوزر السؤال عن ماهية تلك الأشياء، يتردد بعض الشيء قبل أن يشرع في الحكي: “كان معدما لا يملك أي شيء. كان يكتب قصصا صغيرة يبيعها لسيدة أوربية في السوق الداخل تفتح له ساقيها ومطعمها ليأكل بـ “الكريدي” (الديْن)”. وبهذه الطريقة ضاع الكثير من قصص خطها شكري بيده وباعها بالتقسيط. “لم يكن شكري يعتقد أنه سيصبح كاتبا”.
الزواج؟
المعروف أن شكري لم يتزوج كما هو حال صديقه الروبيو أيضًا. وإذا كانت “الظروف” هي التي حالت بين الروبيو والزواج، فإنّ شكري كان يردّد، بحسب قول رفيقه الروبيو: هل سأتزوج بامرأة واحدة وأترك مائة امرأة؟ كانت هذه مراوغة من الروبيو لتفادي الخوض في الجانب الآخر من حياة شكري، جانب نزوعه الغلماني الذي طالما اقترب منه شكري في كتاباته دون إفصاح. ألم يكن شكري يميل أيضا إلى الرجال؟ أسأل الروبيو، فيجيب بطريقة غامضة: “أنت تعلم أن شكري كان صديق جان جينيه، وهذا الأخير كان مثليًا”.
دعارة محمد شكري الغلمانية في “السوق الداخل” يسميها الروبيو بـ “العملية”. يضحك قبل أن يواصل أمام إلحاح السؤال: “اسمح لي، هناك أشياء لا يمكن الجهر بها هنا في المغرب”.
غلام جان جينيه
عاشر الروبيو الكاتبَ الفرنسي البوهيمي جان جينيه في مدينة العرائش كما عاشره شكري. وفي إحدى المرات قدم شكري صديقه الروبيو للكاتب بول بولز المقيم في طنجة على أساس أنه “غلام جان جينيه”. يعلق الروبيو عن الحادثة قائلا: “قلت لمحمد شكري: قل له (لبولز) نحن الاثنان من غلمان جان جينيه”.
طور الروبيو ومحمد شكري لغة مرموزة كانا يتحدثان بها عن مغامراتهما الجنسية مع الذكور. “كنا على سبيل المثال نقول: هل سُرقت أم سَرقت”؟ (هل مارست الجنس أم مورس عليك؟)
شكري يخاف أيضاً!
كانت حانة “سكوتش” في طنجة (لم تعد قائمة الآن) ملتقى المثليين. وكان شكري والروبيو يتردّدان عليها باستمرار. وفي آخر الليل يعودان إلى البيت مصحوبيْن بصيدهما أو يُصادان. يلمح شكري في كتاباته إلى ميوله المثلية ولا يفصح. لماذا؟ “لأنه كان يخاف”، يقول الروبيو. ولكن ممن؟ ألم يكن هو صاحب المعول الذي هوى على كل أنواع التابوهات؟
يرجع الروبيو سبب تهرب شكري من الإفصاح عن ميوله المثلية صراحة في كتاباته إلى الموروث الثقافي. فنظرة المجتمع نحو من يمارس الجنس “على” الذكور أخف وطأة ممن يُمارَس عليه. كما إنّ الإطار الديني المحافظ في المغرب يحتم اتخاذ الحذر.
ينكر الروبيو أن يكون هو مثليا. “أنا مهتم بالمثلية” فقط، يقول بنوع من المواربة. “وهل محمد شكري كان مثلك مهتما بالمثلية؟”؛ “نعم”، يجيب الروبيو. “إلا أن ذلك كان في فترات ضعفه”.
(Gaymaroc.com )
7 ديسمبر 2015
هكذا نحن نلمح الي أشياء دائما ونكتب عن الظلال وتلمح الي أنه أصابه مس من الأدب… هذا ليس انصافا لتذهب التابوهات الي الجحيم يكفي أنه صور معاناه الفقراء أفضل من بؤساء فيكتور هوجوهكذا نحن لا نفتن الا بالغربيين ولا ننجذب الي للاسماء الكبيره ولا نتحدث الي في الهوامش والحياه الشخصية وهذا أمر غير طبيعي سيحاسبنا عليه التاريخ ملقيا بنا في زبالته
29 نوفمبر 2010
اقسم بأن هدف دخولي على هذه الصفحة ليس التلصص على جنسوية محمد شكري أو حياته الشخصية بقدر ما هو استعراض حقبة طنجة الشهيرة بالأدب وابطالها جان جنيه ومحمد شكري وتنسي وليامز وغيرهم..لذلك اقتضى التوضيح
28 نوفمبر 2010
هدف هذا المقال ليس التلصص على جنسوية محمد شكري أو حياته الشخصية بقدر ما هو استعراض حقبة طنجة الشهيرة بالأدب وابطالها جان جنيه ومحمد شكري وتنسي وليامز وغيرهم..لذلك اقتضى التوضيح