العالم كما يجبُ (إلى ن)
اعبرُي جسدي الحديقةَ اليبابَ. جسدي الجسرَ إلى اللهِ. هذا كرسيُّ بجانبي لا أعرفُ لماذا يجلسُ أمامي خارجَ الكُرسيِّ. لمّ سريري لا يتمدّدُ في سريرِهِ. ها بدأَ الحلمُ فلأدخلِ المنامَ مِنْ بابِ ما تتثائبينَ.دخلتُ أدخُلُ غُرفتي هذا المساءَ. المشجبُ يُعلقُ…
العالم كما يجبُ (إلى ن)
|طارق الكرمي|
كتَلٍّ مِن عِظامِ النّحلِ وألسِنةِ الطّيرِ هي أيامي.. كتَلٍّ مِن بساطيرِ بيادقةِ يعقوبَ اللهِ.. كتلٍّ مِن هُراءِ عاهراتِ “جَنَوا”.. من فوطِ الأطفالِ.. مِنْ أعقابِ أصابعي حَشّشَها مِثليو العالمِ.. كأهراماتٍ مِنْ سعالِ الكمنجاتِ..
بأجنحةٍ مِنْ باركينسونَ أمتَثِلُ أمامَ غدائرِكِ. تَنْعاني الرّجفةُ على جرسِ فمكِ. عالِجي الغيمَ بمطرِكِ. عالجي الزّجاجَ بمخالِبكِ ورأسي بالصّداعِ. يتدفّقُ مِنْ فَمي الكلامُ كدمِ العادةِ (لا ينقطِعُ).. لِفمي سحّابُ بنطالٍ. هلْ سأُبادِلُ أمّي بمُكيِّفِ الهواءِ حينَ يهجُمُ تنّينُ الخماسينِ، وأغنّي كحيوانٍ ابتلعَ سكّيناً بالعَرضِ أو مِنجلاً؟ العالمُ حشرةٌ في أذني. مِنْ أينَ للصّنوبرِ رائحةُ إبطِكِ؟ والذي بصقَ في صحنِ وجهي قلتُ لهُ الصّبحَ صباحُكَ خيرٌ. لقد كلّمني صوتي حتى نَبَتَ على لساني عانةٌ. حتى صارَ لساني عظمةً. كتائبُ نملٍ في قارّةِ غرفتي. سأسْلِمُ نفسي لِيُشيّعني النّملُ إلى بيتِهِ العالمِ. أنفاسي قطارٌ خردةٌ. لماذا أحبُّكِ؟ عينايَ طابعانِ لبريدِ وجهي الذي لا يُسافرُ إلا إلى ملامِحِكِ. لماذا يَقفزُ وجهي مِن ملامحِهِ ليكونَ بينَ يديكِ. الآنَ أدَوِّرُكِ زهرةَ الصّبّارِ بينَ أصابعي. تَلَمّسي مَلامحي في حَجرِ الشّاهدةِ. أسيرُ وجَسدي نعشي. قبري لو أنّهُ الغيمة في راحتيكِ. هل لي.. أنا خارجَ التّغطِيةِ حينَ ترسِلُ عيناكِ بلوتوثاً مُعادياً. عيناكِ وحدَها تُقرْصِنُ في ليلي. أذكُريني إذا أصابَ السّنونو اسمُكِ على حافةِ السّماءِ ليرتمي على السّمواتِ. مَنْ يُزرِّرُ الهواءَ البحريَّ قميصاً لكِ؟ ها أنا أكتبُ الآنَ ما يخونُ القصيدةَ. أكتبُ لأني لا أطيقُ الكتابةَ. أنا أغرِزُ أسناني في كتفِ الكتابةِ. الآنَ أشخذُ أصابعي ناياتٍ في لحمِ الأغاني. كيفَ لا يَنْعَسُ القصبُ إذا زَفزَفَتِ الريحُ من حَلْقِ البحرِ؟ لساني بشعبتينِ. كيفَ لديكِ أكتُمُ الفحيحَ. حتى صوتي غادَرَني على ضَحْضاحِهِ. هلْ تعرفُ الفراشةُ عن كيفَ نهداكِ يرفّانِ؟ سأقولُ لأمي أنتِ أوّلُ من خانَ اللهَ في سريرِ أبي. هراءٌ.. لا أصافحُ حتى يدي. هراءٌ.. من أنا حينَ أطبعُ عَيْنَيْ طفلٍ وحمةً على لحمِ الصّرخةِ؟ اعبرُي جسدي الحديقةَ اليبابَ. جسدي الجسرَ إلى اللهِ. هذا كرسيُّ بجانبي لا أعرفُ لماذا يجلسُ أمامي خارجَ الكُرسيِّ. لمّ سريري لا يتمدّدُ في سريرِهِ. ها بدأَ الحلمُ فلأدخلِ المنامَ مِنْ بابِ ما تتثائبينَ. دخلتُ أدخُلُ غُرفتي هذا المساءَ. المشجبُ يُعلقُ لحمي قميصاً أخيراً. قهوةٌ تُريقُ فناجينَها على الأرضيّةِ. خيولٌ تهربُ خارجَ اللّوحةِ على الجدارِ. جواربُكِ اسْتَعمَلَها لصوصُ البنوكِ أقنعةً. الشراشفُ عاريةٌ. البلاطُ مُلطّخٌ بخُطى الملاكِ. ماءُ صُلبي ينزِفُ لكِ من الصُنبورِ. الطاولةُ تجلسُ بعيدةً. قيامةٌ في غرفتي. أحدِّقُ في الخرابِ اللّذيذِ. الأشياءُ تقفُ لتقولَ لي فتاتُكَ مرّتْ مِن هنا. كم لا أحبُّكِ إلا كثيراً بعددِ أصابعِ الأطفالِ وإلاّ حينَ أعبدُ ساقيكِ أشجاراً لمنامِ الحدائقِ. بعدَ خمسِ دقائقَ سأفعلُ لا شيءَ. قلبي عُبْوَةٌ تحتَ سريرِكِ حاذري. كم أنا مُتّهمٌ بي. كم أنَّ قلبكِ مُتّهَمٌ بنَبضي المُقطّرِ. كم أنا لصٌ يقبضُ على شُرطيٍّ. كمْ أنتِ داليةٌ لأهديكِ عُروقي أعصابًا. سأرسِلُ كفيَّ مفتوحتينِ مُصحفاً لكِ. خربشي كفيَّ المُصحفَ.. للمرّةِ ما قبلَ الصِّفرِ أسألُكِ لماذا أعبدُ أصابعَكِ كلما تطاولَ القصبُ؟ خُذيني حيثُ لا يَعوي في الليلِ قِطارٌ. خُذيني حيثُ يَنْتَهِكُ النّحلُ الزّهرَ على قميصِكِ النّومِ. حيثُ يهتِكُ الطّيرُ سِرَّ الفجرِ، ثمَّ أخرجيني من جيبِكِ وابذُريني للمُتسوّلينَ في محطةِ المترو. إني أغرزُ عينيَّ في الجدارِ كي يُبصِرني مرّةً. لحمي مُشتهىً لِمُدمني الهامبورغرِ. دمي اللّعابُ لِمصّاصي النّبيذِ. أنا أعملُ مُذيعاً في راديو لا يُذيعُ. أذيعُ لكِ برنامجي الحُبيَّ على موجةِ الصُّرصارِ ليلاً. على رادارِ الخَفّاشِ. على موجةِ FM منْ عُواءِ بناتِ آوى. لا تُفلِتي يدي.. لا تترُكيني في الزّحامِ.. أنتِ آخرُ ثُفلٍ في قهوةِ الأرضِ والأرضُ فنجاني. آخرُ سبعةِ أمتارٍ منْ أنفاسي. الرّصيفُ الذي هجرَ الشّارعَ. أنتِ منزلي اللّيجو في لعبةِ الطّيرانِ الحربيِّ. يُحمِّصُني البردُ. سيبيريا تتَلَهّبُ وردةً فاحمةً على أصابعي. كوني بينَ أصابعي والوردةِ حديقةَ البشَرِ. هلْ يبلُغُكِ صوتي مُختَرِقاً دائرةَ الجماركِ؟
إني أصيحُ بأعلى صَمتي.. هلْ تَسْمَعينني الآن؟
(مساءً / طور كرم)