غربة الرّمل/ طه عدنان
كأنّا مِنَ الرّمل
نَبْدأُ هذي الخُطى
وكأنّ الطريقَ التي بيْنَنا
وسُهوبَ السّكينة
ليست سوى خُدْعةٍ
غربة الرّمل/ طه عدنان
|طه عدنان|
كأنّا مِنَ الرّمل
نَبْدأُ هذي الخُطوط
كأنّا مِنَ الرّمل
نَبْدأُ هذي الخُطى
وكأنّ الطريقَ التي بيْنَنا
وسُهوبَ السّكينة
ليست سوى خُدْعةٍ
نَسجتْها العناكِبُ
بين مسالِكِنا
لاصطيادِ القَطا
كأنّا من الرّمل
نَبدأُ هذي الخُطوط
كأنّا إلى ظُلمات الصحارى
نُشَيِّع جَذْوَة هذا الحطَبْ
أنتَ لَمْ تَسْتَبِنْ بَعْدُ
يا طائراً أنْكَرتْهُ الأعالي
بأيِّ الوِهاد
يُغيّر رملُ القِفار ملامِحَهُ
كيْ يُشَكِّل هندسة التّيه
لَمْ تَسْتَبِنْ بَعْدُ
أيُّ الفَراشِ الفَراشُ
وَأَيُّ الفَراشِ كَذِبْ
وها أَنْتَذا
ستَظلُّ تعُبُّ الطّريقَ
إلى أن يَصير لثلْجِ الهزائم
بين حَنانَيْكَ
حَرُّ اللّهَبْ
قد حَذّرْتُكَ
(هل تَذْكُرُ الآن؟)
مِنْ أنْ تُسْلِم نعلَيْكَ
للطّرُقِ البائِرةْ
للمسارِ الذي
قبل أن تَكْتَسي قدماك الأصابعَ
جَرَّبَهُ خَطْوُ مَن سَبقوك
انتضَوْا بيدَهُ
وفيافيه
يا كبدي
منذُ فجر الرُّعونَةِ
حتى أصيلِ التّعبْ
كأنّا من الرّمل
نَبْدأُ هذي الخُطوط
كأنّا إلى غُرْبَةِ الرّملِ
نَزْحفُ
زَحْفا
ليس كلُّ طريقٍ
طريقٌ
لهذا لَقِيتَ هنا
في مهبِّ الرِّياحِ الشّريدَةِ
حَتْفا
وَتَظلُّ تَحِنُّ لِحُلْمٍ سحيقٍ
تَشَهّى جُموحك
فاسْتَلّ إشراقة قلبِك
ثمّ رماك إلى حيثُ
لا ضوْءَ
ها أَنْتَذا
تَهْمُد الآنَ
مَنْفى.
(مراكش ـ أكتوبر 1994)
12 نوفمبر 2010
من قاع الخابية ، يالها من رحلة وجودية تنتسج من تفاصيل الجسد والمكان و جزيئاتها الهاربة