يوميات مثلي في الأربعين- الحلقة الأولى
أجلس في المقهى في المدينة التي اخترت أن أموت فيها لأقبر أنا وعلامات استفهامي
يوميات مثلي في الأربعين- الحلقة الأولى
|بقلم: جميل|
يقولون إنّ الرجل الذي يبحث عن رجال آخرين لفعل الحب والرغبة إنما يبحث عما يعبئ فجوة فارغة داخله.. فراغ خلفته رجولة هاربة أو حوار فُقد مع مغزى الذكورة، أو عن حميمية كانت معدومة مع الأب. وعادة ما لا يجد الرجل ما تاه منه ممّا لا يعلم ملامحه بالضبط في الرجل الآخر في جسده في مضاجعته؛ في اجتثاثه لمعنى الجّسد العاري المنتصب الذي يلجه ويلجه عبثا طوال الليل دون هواده…عبثا.
وها أنا أجلس في مقهى من المقاهي الشبكية التي تنتشر في المجمعات التجارية أضع أمامي اللابتوب ولا أقرأ ما فيه بحق؛ أضعه قبالتي كي لا يحاسبني أحد على وحدتي. فنحن في حيفا مدينة المجمعات التجارية والكهولة الجارفة. كل شيء في حيفا كهل حتى أنّ الناس فيها لا تقوى على السير، لذلك ألغيت الشوارع التجارية واستبدلت بالمُولات التي تبدو جميعها متشابهة. طبقة وسطى لا تنتهي، يذبحها الملل، تدور حول نفسها، تلفّ حول لعنة الرتابة التي حلت بها من دون رحمة. نساء ثلاثينيات وأطفال؛ قبائل من الأطفال.! يا الهي أريد طفلا كهذا، كهذا بالضبط. آلاف النساء الثلاثينيات اللواتي مات رجالهن في حرب ما لا أعرفها.
أجلس في المقهى في المدينة التي اخترت أن أموت فيها لأقبر أنا وعلامات استفهامي في البلدة البلهاء. لا أعرف من أين تصفعني هذه البلاهة كلّ يوم من جديد. بلاهة مدينة المجمعات المتشابهة وبلاهة بلدتي المنسية. أتأمل الرجل المارّين. ما أكثر رجال الخمسين في هذا المكان. كل الرجال في الخمسين يسيرون فيتساقط منهم شيء جديد.. كل مرة. ثمة أمر ساحر في رجال نهايات الأربعين وبداية الخمسينات وكأنهم يكتشفون شيئا اسمه الحياة، بعد أن يكونوا قد أصبحوا عالقين مع عجوز شمطاء يتساقط جلدها بتسارع مذهل ويتمنون لها كلّ دقيقة أن يدهسها قطار هادر نسي التوقف. قطار لا يترك حتى ما يمكن دفنه في حفرة. وأولاد يكرهونهم الى درجة لا توصف دبلوماسيتها. مثل هذا الرجل أريد الآن؛ من هؤلاء الذين يسيرون في المُول (المجمع التجاري) قرب زوجاتهم ويناكحون كل ما يتنفس من حولهم. هكذا بشكل طبيعي… طفولي… وفطري.
وثمة رجال تقتلني نظراتهم؛ فهي مزيج غريب ومتناقض من الوقاحة ولنقل “الوساخة” الجنسية المباشرة والطيبة الظريفة الآسرة. مثل هذا الرجل أريد الآن. فلا يهمّ الشكل إن كانت العيون تلمع بما أريد، ولكنني لن أقبل مثلا برجل يشبه الغوريلا أو القرد الممسوخ. فثمة حدود لحجم التنازل الذي يمكن أن يبذله المرء. ثمة شيء ساحر ويدغدغ في حقيقة نجاحك في مضاجعة رجل خمسينيّ كهل ومتزوّج وتفكيك -أو محاولة تفكيك أو وهم تفكيك- مملكته المتكاملة الجاثمة على سفوح الكرمل. فحيفا مدينة الرجال الكهلين وفي هذا المجمع التجاري لا تنتهي قوافلهم الباحثة عن معنى.
قد أكون أنا هو المعنى الذي يبحثون عنه. هذا الرجل يبدو عربيًا –الرجال العرب لا يسيرون قرب زوجاتهم في المجمّعات بل تتلكأ الزوجات خلفهم في تفحصهن للواجهات- رجل، رجل.. طويل صلب بكرش مناسبة وشارب كثّ يخفي وراءه عيونا ثعلبية. ولكن الرجال العرب يتفوهون بتصريحات مهينة وقذرة أثناء الجماع وكأنّ أحدًا زجّ بهم بالقوة لارتكاب “الفحشاء”.. هنالك رجل آخر طويل أبيض صلب هو الآخر. مؤخرته مثيرة، بضاعته كبيرة وبارزة، أصلع وجسمه رياضي، عيونه زرقاء، ارتكب جرائم مقابل عيون زرقاء. إنه بالتأكيد يهودي أشكنازي من الطبقة المستلقية براحة على الكرمل. محاضر في التخنيون أو الجامعة أو ضابط متقاعد في البحرية- عنصر البحرية مدهش وهو يغذي فانتازيا الموجب والسالب؛ المحتلّ الغازي والضحية. ولكن هؤلاء باردين يتغيرون بعد بلوغ قذفهم ويتحوّلون إلى مخلوقات مزعجة لا تتوقف عن طرح الأسئلة الأنتروبولوجية وكأنهم اكتشفوا لتوّهم وجود عرب في هذه البلاد. وهنالك هذا الدهنيّ الشعر بظهره الواعد. يا الهي.. لا؛ وجهه كسلطة الفاكهة!
أهكذا سأكون بعد عشر سنوات؟
(يتبع)
3 يوليو 2014
هناك زوايا في هذا العالم الشرقي تبقى وتصر على ان تبقى حبيسة نفسها مثل ما وصفت . هناك في احدى المطاعم الارستقراطية او كما اسميها (اماكن النفاق الاجتماعي ) اجلس بشكل يومي كما تفعل اتحاشى وحدتي بجهازي المحمول . كمثلي عشت اكثر من عشر سنوات في اوروبا والان اعيش في بلد عربي جدا جدا محافظ او لربمى يدعي انه محافظ !!!!!!!!! استغرب احيانا جدا من ما كنت فيه واصبحت عليه . كانت صدمتي الاولى في هذا البلد “المحافظ” بعد عودتي واهلي من فرنسا في 2010 ان الناس يراقبون ما تفعل بكل التفاصيل لا تخفى عليهم خافية هنا و في تلك اللحظة علمت انني سوف اكون حبيس مثليتي انا وهي فقط الصدمة الثانية كانت بشخص خمسيني صاحب عائلة ومركز مرموق رجل ذو شيب بالرأس جسد رياضي صدمت حينما تحدث في مرة عن المثليين وكان ودودا في كلامه لا يخفي انه معهم ولا يخفي انه ضدهم ربما لخوفه من المجتمع او من ردود الافعال . يوم بعد يوم وكانت صدمتي تزداد اكثر ف اكثر لن اقول انه في اوروبا الكل يتقبل المثليين . لا هذا غير صحيح فهناك في باريس منظمة تعمل لتجريم المثليين !!!!!!!!!!!!!!!!! نعم لمن لا يعلم هذا هو الواقع لكن هناك الشعب غير مهتم بتصرفات غيره كثيرا لا يتناقلون اخبار بعضهم البعض كما هو الحال عندنا هذا لا يعني انهم لا يتناقلونها ابدا يتناقلونها لكن لا يغوصون في الاعماق . هناك مجتمع غريب ونحن نعيش فيه بين رجل يتشبث بك ورجل يحاول اخذ ما يحتاج ويذهب واخر بعد ان تنتهي نشوته تجد انه قد تحول ولملم بقايا نشوته عن سريرك ليعود بها منتصرا الى احضان زوجته التي لا يرغبها لكن حسب ما يقول انها الواقع المر !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!الواقع المر بل انت المر بحد ذاته احدهم كان يجلس على طاولة مقابلة لي في هذا المطعم ومعه زوجته بدء بنظرة ومن ثم بعض شفتاه ومن ثم بدء يشير بيده لم افهم ما يريد الى ان تحجج بأنه يحتاج لولاعة واتى الي وطلب الولاعة وقال لي ” افتح البلاتوث” وبكل سذاجة “فتحت البلوتوث”واذا به يرسل لي رقم هاتفه . وثاني يوم اتصلت به وبدءنى نتحدث لكن كانت المشكلة دائما انه لا يعترف بأنه مثلي ابدا !!!!!!!!! وتواعدنا ولمدة عام كامل كان رجل فاتن كبير بالسن خمسيني كانت المشكلة انه كل يوم ينكر مثليته حتى ونحن في نفس الفراش نتقاسم النشوه وصلت معه الى طريق مسدود حتى انه لم يكن يعترف لي بأسمه بحجة ما الفائدة من ان تعرف اسمي الى ان قررت انه لن نكمل سويا وحينها لم يقل ولو كلمة واحدة فقط عبس في وجهي وذهب . هذا ضحية مجتمع من اكبر الضحايا لمجتمع ينكر ان هناك في هذا العالم مثليين رجل خمسيني لا يستصيغ انه مثلي ….
5 مايو 2013
مرررره حلو الموضوع واتمنى مراسلة الاربعيني كاتب المقال على الخاص
اذا كان ممكن
10 يونيو 2012
مقال جميل ينقل لنا صورة من الواقع لما يحدث في اماكن من العالم .
استمتعت به وارجو ان يتم نشر باقي الحلقات حتى استمتع اكثر .
تحياتي للكاتب .
19 ديسمبر 2010
جميل يا جميل
10 نوفمبر 2010
جميل هو هذا الوصف السينمائي لما يمر في المجمع التجاري. قد تكون شفافية الكلمات في الوصف تثير البعض فتجعلهم ينزلقون إلى مستوى التهجم، كنديم، وهذا أمر غير مبرر، لأن الصدق في الوصف ضروري، مهما كان غير مقبول، فهو صادق، وكذا يجب أن يكون، وإلا لأصبحنا مفاوضين، ولأصبحت الكتابة دبلوماسية لا أدبًا، ولفقد الأدب هدفه.
عزيزي إن لم تعجبك هذه الزاوية رجاءً أرح نفسك من عناء الاشمئزاز المنسحب على طول النص، ودعنا نقرأ ونكتب، ونتلقى ونخاطب، ونناضل ونغيّر. إن ما أثار اشمئزازك، نفسه يثير مشاعر الكثيرين حيال موضوع النص، فلا منطق من اعتبار موقفك ملزمًا أو صحيحًا بالضرورة.
تحية إلى قديتا التي سيذكرها التاريخ، ولست أبالغ في هذا!
9 نوفمبر 2010
الى نديم: بنفع. ومالو الفيزالين
بس اذا انت بحاجه لفيزالين بعد هيك مقال شكلك بالخزانه ومش عارف
9 نوفمبر 2010
بلكي بتوزعو علبة فزالين مع كل مقال بهذه الزاوية، ليش لأ