سجال صحفي في سوريا حول حملة “مثلي مثلك”
أفلاطون: “أرمي إليك هذه التفاحة، فخذها إذا رغبت في، وأعطني عذريتك. وخذها حتى إذا ما رغبت في؛ فالجمال لا يدوم”
سجال صحفي في سوريا حول حملة “مثلي مثلك”
|خدمة إخبارية|
دعا صحفي سوري مؤخراً إلى إسقاط شعار “مثلي مثلك” الذي يرفعه المثليون مطالبين بالاعتراف بحقهم بالمساواة مع الغيرجنسيين في سورية. وقال أبي حسن في مقال نشره موقع “كلنا شركاء” تحت عنوان “معذرة: ليس مثلك مثلي…عن الشذوذ الجنسي في سوريا”: “يتحفنا” بعض مثليي الجنس بين حين وآخر بشعارات من قبيل الشعار الذي رفعوه في إحدى حملاتهم منذ فترة قريبة تحت عنوان: “متلي متلك”. وما برحوا يطالبون بحق الاعتراف بهم مجتمعياً وقيميّاً، كي يصبحوا مقبولين في الوسط الاجتماعي من دون أن تطاولهم أي نظرة دونية من قبل الغيريين جنسيًّا والرافضين للمثلية، ونعترف بأنّ هذا حقهم (بحسب وجهة نظرهم)، وإن كنّا نرفض شعارهم جملة وتفصيلا نظراً للتضليل المتعمّد الذي فيه.
وبالتزامن مع مقال الهجوم على المثليين، نشر موقع “ألف” مادةً كتبها رئيس تحريره سحبان السّواح، أشار في بدايتها إلى أنّ ما كتبه هو “ردّ واضح على كل ما جاء في مقالة “أبي حسن”، والتي أقلّ ما يقال فيها إنها تعتدي، وتسيء للمثليين، وبخاصة في تسميتهم بالشاذين جنسياً”. وتحت عنوان “تضامناً معَ المِثْلِيِّيْنَ: نعمْ مِثْلُكُمْ مِثْلُنا، بَلْ مِثْلُنَا مِثْلُكُمْ”، رأى السّواح أنّ مقالة أبي حسن تُعدّ اعتداءً على حقوق مجموعة من البشر، لهم حريتهم في العيش كغيرهم، وليس لنا أيّ حقّ في محاسبتهم، إلا إذا كنا تعلمنا أن نكون دكتاتوريين، ونعلن أننا ديمقراطيون. سيما وأننا نعيش في عصر حقوق الإنسان! ورأى السواح في مقاله أنّ “المثليين أفضل من كثيرين منا في أخلاقهم العامة، وفي تعاملهم مع النساء، وسلوكهم في المجتمع؛ ويندر جداً أن ترى منهم خارجاً عن القانون! هذه المشكلة ليست أم المشاكل بالتأكيد، ولكنهم مثلنا، ويجب أن يجدوا من يقف معهم، ويقول لهم: نعم أنتم مثلنا!”
وفي حين قال المهاجم “أبي حسن” مخاطباً المثليين: إذا كنّا نقدّر ظروفكم ونتفهم حالتكم المرضيّة ووضعكم غير السويّ (وهذا ليس شتيمة، معاذ الله، إنما تشخيص لواقع الحال)، لكن هذا لا يعني أننا صرنا سواسية ولن نكون كذلك أبدًا. ردّ المدافع سحبان السواح مخاطباً حسن: لكلّ فرد في العالم حق ممارسة حريته دون أن يسأله أحد عما يفعله، طالما أنه يحترم القوانين السائدة، ولا يقدم على إيذاء أحد في ممارسته تلك؛ ولا يحقّ لأحد أن ينبذه، أو يقول له: “أنت لست منا!”
وفيما يشبه الردّ الاستباقي قال حسن: لا يكفي أن يتعاطف المتثاقفون مع قضية المثليين لكي نبصم لهم وللمثليين بالعشرة! وليس بالضرورة أن “نؤلّه” كل ما يأتي به الغرب حتى نبدو في نظركم ونظر الغرب حضاريين؛ بمعنى إذا كانت “المصونة” كارلا بروني مثلية جنسياً على سبيل الافتراض، فهذا شأنها وندافع لها عن حقها في ذلك الشأن، كتفهمنا لحالتكم المرضيّة ولا سويتكم، لكن ليس مطلوباً منا الإقتداء بها –ببروني- وبمثيلاتها ولا الإقتداء بكم أيضاً.
وبدوره قال السواح: مشكلتنا في أن أحداً منا لا يلتزم بحق الآخر في ممارسة حريته، بشرط ألا تؤذي حرية الآخرين، بل على العكس، إذن. المسألة هي حكم القوي على الضعيف، نمارسه في حياتنا اليومية، وفي دولنا المتخلفة، بعد أن استطاعت الدول المتحضرة من وضع حدود لمثل هذه التجاوزات.
وفي السياق طرح الكاتب المهاجم للمثليين مثالاً على أنوع أخرى من الشذوذ هي المازوشية وتبادل الزوجات وبيّن رفضه القاطع للاعتراف بحق هذا النوع من الشذوذ إلى جانب المثلية الجنسية بالوجود الشرعي في المجتمع السوري، وأكد الكاتب ميله للاعتقاد بأن الشارع هو للأسوياء من الناس فقط، وذلك بحكم الفطرة والطبيعة حسب قوله، أما عدا ذلك فمكانهم الطبيعي ليس في الشارع على ما أؤمن- والكلام للكاتب-، وعوضاً عن إضاعة الوقت في الحديث عن تقبّل ما هو مناف للطبيعة البشرية نزولاً عند رغبة فتى أغر هنا وحيزبون أو حيزبور هناك، علينا أن نفكر بحلول أخرى أكثر واقعية واحتراماً لمشاعر الأسوياء والشاذين على حد سواء، فمثلاً يمكن التعامل مع الشواذ جنسياً باعتبارهم كائنات مريضة ومرض بعضهم قد يُعدي، ونقترح في هذا المقام أن تعامل تلك الكائنات طُبياً كما المصابون بالجذام (مثلاً) بحيث توفر لهم الدولة منطقة سكنية خاصة بهم؛ والتعامل مع بعضها الآخر –إضافة إلى المرض- بوصفها كائنات تشكل خطراً على المجتمع لا يقلُّ عن خطر بعض المتطرفين الإسلاميين مثل ذلك الذي لا تأتيه النشوة إلا إذا أُذل وأُهين مع أفراد عائلته، من دون أن نغفل أن نسأل: ما ذنبُ عائلته حتى تُهان وتُشتم؟.
وهنا تساءل السواح (المدافع): “لماذا تخلط يا “أبا حسن” بين بعض الشاذين المترفين المشبعين من ممارسة الجنس الطبيعي؛ فأرادوا ممارسةً أكثر إشباعاً لرغباتهم، حين تقول: “من سيجرؤ على الدفاع عن “الحق” في تبادل الزوجات بذريعة أنها حرية شخصية، أو حرية المشاعية الجنسية، وهو الأصح.؟!” هؤلاء هم الشاذون، وهؤلاء هم المشبعون جنساً، ولا علاقة لهم بالمثليين”.
وتابع السواح معتمداً على أدلة من الميثولوجيا: بعيداً عن مثالك المتجني، أسأل لماذا لا يكون مثلك مثله (المثلي) يا أبا حسن.؟. فأنت تمارس حالةً إنسانيةً سموها الجنس بطريقة تعودت عليها في مجتمعك، وهو يمارس حالةً جنسية، ربما لم تتعود عليها مجتمعاتنا، ولكنها حالة إنسانية، وجدت مع تكون البشرية الأول. فإذا كان بعض الباحثين في الميثولوجيا يقولون عن واحدة من أولى الملاحم والأساطير التي وصلتنا مدونةً، وهي ملحمة “جلجامش”، يقولون إن “جلجامش” كان مثلياً، وكانت تربطه علاقة مثلية بـ “أنكيدو.”
تقول الملحمة إنّ “جلجامش” قبل اجتماعه بـ “أنكيدو”، شاهد حلماً رواه لأمه، قال: “أماه، لقد رأيت في ليلة البارحة حلماً، كانت السماء حاشدةً بالشهب، واحد منها انقضّ عليّ، رمت رفعه، فثقل علي، حاولت إبعاده، فصعب علي، فبينما رفاقي يغسلون قدميه، ملت عليه كما أميل على امرأة، وضعته عند قدميك، فجعلته لي نداً.”
ويمكن أن نذكر هنا أيضاً “أفلاطون” الذي كان مثلياً، وتغزل بالفتيان، فهو الذي يقول: “أرمي إليك هذه التفاحة، فخذها إذا رغبت في، وأعطني مكانها عذريتك… وخذها حتى إذا ما رغبت في، وتذكر أن الجمال لا يدوم”.
وأضاف السواح عدداً آخر من الأمثلة التي يركن إليها في الدلالة على (طبيعية) المثليين، واختتم مقاله بالقول: مثلنا مثلهم، بل مثلهم مثلنا. لا شيء يختلفون فيه عنا سوى رغباتهم المولودة معهم، وهم غير مسؤولين عنها.!. وطالب (المدافع) بأن نكن للمثليين الاحترام، كما يفعلون، ولنتعامل معهم كأناس مثلنا، لا يختلفون عنا، وليسوا بأقل منا في شيء، ولا ننظرن إليهم نظرةً دونيةً، بل نظرة من هم بشر مثلنا، لهم طريقتهم في الحياة.
بينما اختتم الكاتب (المهاجم) أبي حسن بالقول: هيهات أن يكون السقيم كالمعافى، وهيهات أن يتساوى الأعلى مع الأدنى، وليسقط شعار “متلي متلك”.
(دي برس)