فعل التأسيس/ جاك لاكان
ليس من الغرابة أن يفتتح لاكان نصّ تأسيس مدرسته من خلال الإشارة إلى كونه وحيدا كذات :”أؤسس وحدي كما كنت دوما في صلتي مع السبب التحليلي”… فهو يدعو المحلّلين للانضمام لمدرسته الجديدة، لا من خلال وضعيّة القائد ومن مَوْقعة نفسه كمثال للتّماهي، وإنما من خلال كونه ذاتًا ككلّ الذوات
>
|جاك لاكان|
|ترجمة: خليل ع. سبيت|
مقدمة لقراءة “فعل التأسيس”/ خليل ع. سبيت
“فعل التأسيس” هو النصّ الذي طرحه لاكان عام 1964 مؤسّسًا من خلاله مدرسته، بعد أن تمّت نهائيًا عملية إقصائه من الجمعية العالمية للتحليل النفسيّ(IPA)، بنزع صلاحيّته في تأهيل المحلّلين داخلها كمحلل مدرّب، عام 1963.وقد تمّ هذا الاقصاء بعد عشر سنوات على محاولات لاكان المتواصلة للحفاظ على عضويّته وتَدريسِه داخل الجمعيّة، على الرغم من اختلافه ونقده للتوجّهات التحليليّة التي نشأت وطغت داخلها في أعقاب فرويد (الكلاينيّة، علاقات الموضوع، سايكيولوجية الأنا). ورغم تباين قراءاته وحدّة نقده للتوجهات المختلفة تلك، إلّا أنّه رآها بالمُجمل، خروجًا وابتعادًا عن المفاهيم والاكتشافات الفرويدية الثورية في أصالتها وتجديدها، والتي لم تكن من منظوره سهلة للاستيعاب على أتباع فرويد اللاحقين، وعليه فقد خانوها وحرّفوها ولم يلتزموا بها.
على هذه الأرضية ابتدأ لاكان تدريسه عام 1953 تحت عنوان “العودة إلى فرويد”، والذي أجلّه أكثر ما يمكن حسب قوله وكان قد تجاوز الخمسين آنذاك. وقد دأب لاكان في المرحلة الاولى من تدريسه داخل الجمعية،على الالتزام بقراءة ملازمة للنصوص الفرويديّة، منتقدًاومشيرًا على نحو مستمرّ، إلى الانحرافات عن درب فرويد ومفاهيمه داخل الحركة التحليليّة. لم يكن نقد لاكان واجتهاداته سهلة للهضم داخل الجمعية وقد غدا نقده لاذعًا أكثر بعد عمليّة إقصائه التي شبّهها في سميناره الحادي عشر -الذي مرّره في العامين (1963-64) خارج المدرسة مباشرة بعد إقصائه- بإقصاء شبينوزا عن الكنيس. وفي واقع الأمر،تشكّل عملية الإقصاء تلك مثالًا حيًّاعلى ما تعنيه العبارة “شرّ البلية ما يضحك “، إذ لم يجد أسياد تلك الجمعية دلائلَ لتبرير تلك الخطوة، عدا سبب واحد ووحيد، وهو رفض لاكان المستمرّللانصياع لتحذيراتهم والقبول بشرط تحديد وقت جلساته العلاجية بزمن محدّد مسبقا. ومن المعلوم أنّ مبدأ تحديد وقت الجلسات العلاجية (بخمسين دقيقة) تحوّل داخل تلك الجمعية إلى “عجل مقدّس” لا يمكن الاقتراب منه ولا نقاشه وبات من الواجب التقيّد به في أيّ علاج على نحو مطلق وعام، وما عبر تباينات واختلاف الحالات. لم يجد هؤلاء “الأسياد” الذين غابوا بموتهم أو قبل ذلك فيما لم يغب لاكان، ما يطعن بآدابه المهنيّة ويبرّر فعلتهم، عدا ذلك السبب الواهي. وقد جهدوا لإثبات ذلك الأمر، عاقدين حوله صفقات متاجرة ووعودًا بالترقية ومنح الألقاب لمتدرّبيه لكي يدفعوهم ليشهدوا ضدّه على عدم التزامه بتحديد وقت الجلساتخلال تحليلهم. وقد نبع رفض لاكان الالتزام بتلك القاعدة من أسباب عدة -يفيض الخوض فيها عن مستلزمات هذه المقدّمة- وبالأساس من منطلق رفضه الأخلاقيّ المبدئيّ لتجيير الذوات المختلفة وإخضاعها لقانون واحد أعمى يتعامل مع تجربة الوقت على أنها مطلقة وواحدة لدى الجميع.
على هذه الخلفية، ومن خلال هذا السياق، شرع لاكان بتأسيس مدرسته. وفي هذا النصّ الذي يُرسي فيه الأسس والقواعد لمبناها ولسيرورة تأهيل المحلّل داخلها، يطرح أمامنا لأول مرة جهاز الكارتيل كأداة أساسيّة للدراسة والبحث داخل المدرسة وكَلبنة أساسية ببنائها. وقد راهن لاكان على هذا الجهاز، كما راهن على جهاز العبور Passe الذي عرضه في “الاقتراح لتأهيل المحلّل”، والذي اشتهر باسم اقتراح أكتوبر بعد ثلاث سنوات لاحقة (1967)، راهن على هذين الجهازين في مدرسته كأداتين أساسيّتين من شأنهما -مع توجيهات وقواعد أخرى صاغها- حفظها من الانزلاق والتحوّل إلى مجموعة كنسيّة هرميّة تخضع وتكرّس ديناميكية القطيع على منوال المجموعات التي وصفها فرويد في نصّه “علم نفس الجمهور وتحليل الأنا”، مُدرجا هناك الكنيسة والجيش كمثالين لجمهور منظم يخضع لتلك الديناميكية. وقد كان همّ لاكان الأول عند تأسيسه لمدرسته إرساء أسس لمجموعة تحليلية تعمل وتبنى وِفق نمط مُغايِر لنمط المجموعات المُغلقة التي تتأسّس على قاعدة التماهي وتكريسه، ما بين الأفراد ومع القائد، وعليه فإنها تحدّ من أفق التحليل والبحث داخلها،كما هو واقع حال المبنى الذي ترسّخ داخل الجمعية التحليلية العالمية من منظوره.
لا يعني هذا الحديث بالطبع ولا بأيّ حال، أنّ النزوع للانتظام وفق هذا النمط والذي هو إنسانيّ في صميمه، قد لا يصيب مجموعات وأفرادًا من أتباع المدرسة اللاكانية؛ فهناك أمثلة ليست بالقليلة لمجموعات مغلقة داخلها أيضًا. ولكن من الحريّ بمكان الإيضاح بأن هذا الامر يُقيّد ويتعارض بالضرورة مع مسار التجربة التحليلية وأصالتها، إذ أن تلك التجربة هي تجربة بحث ومساءَلة جذرية لحقيقة كل ذات ومسعى للكشف في أفقها عن التمايز الفريد والخاص لكل ذات تشكلّت في اللغة مع آخرها (الكبير) وفتح الباب أمامها للقاء ومعايشة فرادتها وتمايزها. وكونها كذلك، فمن غير الممكن لتلك التجربة أن تصل مبتغاها في ظلّ قيد التّماهي والمناخ الذي يكرسّه.
بناءً على ما تقدّم، وكما يُشير لذلك جاك ألين ميلير في محاضرته “نظرية تورينو”[i]، فليس من الغرابة أن يفتتح لاكان نصّ تأسيس مدرسته، من خلال الإشارة إلى كونه وحيدا كذات (“أؤسس وحدي كما كنت دوما في صلتي مع السبب التحليلي”)، فهو يدعو المحلّلين للانضمام لمدرسته الجديدة، لا من خلال وضعيّة القائد ومن مَوْقعة نفسه كمثال للتّماهي، وإنما من خلال كونه ذاتًا ككلّ الذوات، لها سببها ولها علاقتها الإغترابيّة الخاصة مع المُثُل أو المثال.
“فعل التأسيس” المترجم هنا هو الجزء الأول من نصّ أشمل عُرض بالصيّاغة المختصرة هذه لحظة التأسيس. وفيما بعد، وسّعه لاكان وأضاف عليه جزءيْن آخرين آمل أن أتمكّن من ترجمتهما وإضافتهما إليه لاحقا. الجزآن المتبقيان هما: “ملاحظة إضافية” و”استهلال”. وقد نُشر النصّ كاملا في كتاب “نصوص أخرى” الذي أصدره ج. أ. ميلير بعد وفاة لاكان، وضمّ سلسلة نصوص لم تكن قد نشرت في حياته.
لقد تمّت ترجمة هذا النص للعربية بجهودي الذاتية وبالمقابل لعمل كارتيلي كنت شريكا فيه مع عدة زملاء من أعضاء المجموعة الإسرائيليّة للمدرسة اللاكانية الجديدة (GIEP-NLS)، لنقل النص للغة للعبرية. وقد تمّت الترجمة من خلال الأصل الفرنسي والترجمة الإنجليزية.
قد تكون قراءة النص عسيرة وعصيّة على الفهم للقراء في مواقع عدة، فليس من السهل قراءة وفهم النص اللاكاني والأصعب من ذلك بالواقع ترجمته. لم تَمنعني وتُثنني تلك الأسباب من استثمار الجهد اللازم لإنجاز ترجمة النص ونقله للعربية؛ ذلك لاتفاقي مع ما قاله لاكان في “انتصار الدين” مجيبا على الادعاء بأن “نصوصه” [ii] عصيّة على الفهم: “لم أكتب “نصوصي”لكي تُفْهم وإنما لِتُقرأ وليس هذان الأمران سواءً بالمرة”.
وعليه فليس لي، أخيرا، إلّا أن أتمنى للقارئ قراءة مثمرة وممتعه من خلال لقائه الخاص والفريد بالنص.
(آب 2016)
.
نصّ “فعل التأسيس” للاكان
أؤسّس –وحدي،كما كنت دوما في صلتي مع السبب التحليلي- المدرسة الفرنسية للتحليل النفسي[1]،والتي سآخذ على عاتقي شخصيا مهمة توجيهها على مدار السنوات الأربع التالية،وإذ ليس هنالك في الوقت الراهن،ما يمنعني من أن أتكفّل بذلك.
أبغي بهذا العنوان عرض الجهاز الذي يجب أن يتحقق فيه عملٌ –يَستعيد في الحقل الذي شرَّع أبوابَه فرويد،النصلَالقاطع لحقيقتِه- ويُعيد الممارسةَ الأصلية التي أسسهاهو تحت اسم التحليل النفسي،إلى الواجب الذي يليق بهافي عالمنا هذا- عملٌيشجب من خلال نقدٍ مواظب،الانحرافات والتسويات التي تُعيق تقدمّها،كما وتحقِّر استخدامَها في الآن ذاته.
من غير الممكن عزل هدف العمل هذا عن تأهيلٍمن الواجب منحه في إطار حركة الاستحواذ المجدّد هذه. ما يعني الاعتراف بأولئك الذين أشرفت على تدريبهم أنا شخصيا كمؤهلين أحقاء تماما، كما ويُدعى إليها كل أولئك الذين بمقدورهم أن يساهموا في تثبيت امتحانهذا التأهيل.
سيلتزم أولئك الذين سيدخلون هذه المدرسة، بتنفيذ مهمة خاضعة لإشراف داخلي وخارجي. ومقابل ذلك سيُؤمّن لهم أن لا يتمّ ادخار أي شيء في سبيل أنيحظىكل شيء قيّم يفعلونه،بالصّدى الذي يستحقّه وبالمكان الذي يُناسبه.
ولإخراج العمل إلى حيّز التنفيذ، سنتبنى مبدأ الدراسة المُستديمة في مجموعة صغيرة. كل مجموعة (ولدينا اسم لتكنية المجموعات) [2]ستكون مركبّة من ثلاثة أشخاص على الأقل، خمسة على الأكثر،أربعة هو المقدار الصحيح. وواحدزائد (PLUS UNE)تُلقى عليه مهمّة الإنتقاء والنقاش والحصيلة التي تلائم جهود كل واحد وواحد.
بعد فترة معينة من النشاط، يدعى عناصر المجموعة للتّبدّل والإنخراط في مجموعة أخرى. لا تمؤْسِس مسؤولية التوجيه سيادةً، تُشكّل الخدمة فيها أداة تُستخدم لبلوغ مرتبة عليا، ولن يضطر أي واحد أن يعتبر نفسه كمن وضُعت رُتبته إذ يعود إلى منزلة العمل في القاعدة.
ولأن كلّ مبادرة شخصية تضع مؤلفَّها في ظروف نقد وإشراف،فان كلّ عمل من المفروض تنفيذه والاستمرار فيه،سيكون خاضعا للمدرسة.
ليس المقصود بهذا على أي نحو هرميّة معكوسة، وإنما نظام دائري تتشكل آليته، سهلة البرمجة،من خلال التجربة. سنؤسس ثلاث قطاعات أرعى مسارها مع نائبين يساعداني في كل واحدة منهنّ.
- قطاع للتحليل النفسي الخالص،أو بتعبير أدق تطبيق عملي ومذهب[3]للتحليل النفسي،والذي هو وليس عدا كونه – ما يجب أن يتأسس في مكانه – التحليل النفسي التدريبي.
المعضلات الملّحة التي يجب أن تُطرح،والتي تتعلق بمجمل قضايا التحليل النفسي التدريبي،يتوجّب أن تشقّطريقَها هنا عبر مواجهة مستديمة بين أشخاص لديهم خبرة في التدريبومرشّحين قيد التأهيل.
يستندُ سببُ وجودِه (Raison d’être)[4]إلى ما لا يجب إخفاؤه: أي الحاجة النابعة من المتطلّبات المهنيّة، طالما تؤدي تلك المتطلّباتلأن يأخذ المتحلِّل قيد التأهيل على عاتقه مسؤولية تحليلية، حتى ولو كانت الأصغر على الإطلاق.
يجب مَوْقعة الدّخول للإشراف من خلال هذا الإشكال وكحالة خاصّة.إنه استهلال لتعريف هذه الحالة وفق معايير مختلفة عن انطباعات الجميع والأفكار المسبقة لكل واحد. ذلك لأنه معلوم أن هذا هو قانونه الوحيد حاليا،وفي حين أن نقض القاعدةالمتعلقة بالحفاظ على أشكاله، مستديمة.
منذ البداية وفي كل حالة سيتم تأمين إشراف ذو أهلية في هذا الإطار لكل مُتَدرِّب قيد التأهيل في مدرستنا.
سنطرح للدراسة التي تتأسس على هذا النحو، المميّزات التي من خلالها أعزل نفسي عن المعايير المعلنة في الممارسة التدريبية،وأيضا التأثيرات التي يَنْسبونها لتدريسي على مسار التحاليل التي أُديرها،في حين أن الحال هو أن المتحلّلين حاضرون هناك بصفتهم تلامذة. ستُشمل،إذااستوجَبالأمر، المداخل الموصدة الوحيدة التي يجب أخذها بالحسبان من موقعي في مدرسة كهذه، أي: تلك التي سيُحدثها على عملها،الإستقراءُ ذاته، والذي يوجِّه إليه تدريسي.
هذا التعليم، والذي جوهرُهأن نضع قيد البحث المألوفَ الرتيب، سيُجمع من قبل اللجنة الإدارية للقطاع، والتي ستُؤَمّن بدورها السبل الأنسب لتمد الآثارَ التي يطلبُها بأسباب الحياة .
ثلاثة أقسام فرعية للقطاع:
- مذهب للتحليل النفسي الخالص .
- نقد داخلي للممارسة التحليلية كتأهيل.
- إشراف للمُحلّلين قيد التأهيل.
أخيرا،أضعُ وكمبدأ مذهبّي، أن لا يتقيد هذا القطاع، الأول، كما وذلك الذي سأذكر هدفه في الجزء الثالث، في تجنيده بالكفاءات الطبية،إذ أن التحليل النفسي الخالص بحد ذاته ليس تقنية علاجية.
- قطاع للتحليل النفسي التطبيقي، أي للعلاج وللعيادة الطبية.
إليه تُقبل مجموعات طبيّة،سواء تألفتمن أشخاص عبروا او لم يعبروا تحليلا نفسيا، وطالما بمقدورها أن تفيد التجربة التحليلنفسيّة ؛ عبر نقد دواعي استعمالها من خلال نتائجها،- بواسطة امتحان المصطلحات المصنِّفةوالمباني التي أدخلتها إليها كداعمة لخط الممارسة الفرويديّة – وذلك بالفحوصات العياديّة، وبالتعريفات النوسوغرافيّة (nosografical)[5]، وفي الوضعية ذاتها للمشاريع العلاجية.
وهنا ايضا ثلاثة اقسام فرعية:
- مذهب للعلاج ولاشكاله المختلفة
- الإفتاء (Casuistry)
- معلومات الطب النفسي والبحث الطبي
لجنة إدارية للتحقق من كل عمل هو جزء من المدرسة، والتي يُقصي تشكيلها كلًّ طاعة قائمة مسبقا.
- 3. قطاع لمخزون الحقل الفرو يدي.
يكون أولا وقبل كل شيء مسئول عن التلخيص والتنقيّة النقديّة لكل ما تقترحه في هذا الحقل المنشورات التي تعتبر نفسها ذات أهلية.
ويأخذ على عاتقهإصدار المبادئ التي بحسبها يتوجّب على الممارسة التحليلية أن تتبوأ منزلتها مابين العلوم. منزلة لا يُمكنها – مهما كانت فريدة وفي نهاية الأمر يجب الاعتراف بذلك – أن تكون لممارسة غير قابلة للوصف أو الصياغة.
ستُدعى (ممارستنا –خ.س) في نهاية الأمرمن أجل تعليم كما وتمرير تجربتنا،لكل ما في البُنيوية المؤسسة في علوم معينة قد يُلقي الضوء على ذاك الذي أظهرت وظيفته في تلك التي لنا،- وعلى نحو معاكس،تستطيع تلك العلوم نفسها ان تستقبل ما هو من الذاتية (subjectivation) خاصتنا، كإيحاء متمّم.
في نهاية المطاف، مطلوبٌ تطبيق عملي للنظرية، والذي بدونه يبقى نظام الصلات الذي تصفه العلوم التي نكنّيها نحن كافتراضية (conjecturales)، عرضة لرحمة الجرف السياسيالذي يتعاظم بِفِعل وهم الإشراط العمومي (universal).
وهكذا، مرة أخرى ثلاثة أقسام فرعية للقطاع:
- توضيح متواصل للحركة التحليلية.
- تَمَفْصُل مع علوم مجاورة.
- آداب مهنيّة (Ethics)[6]للتحليل النفسي هي التطبيق العملي لنظريّته.
الموارد المادية الناتجة أساسا،بفضل مساهمات أعضاء المدرسة،والهِبات التي قد تحصل عليها، وبالإضافة لذلك على يد الخدمات التي ستُسديها كمدرسة، تُخصّص بالكامل لمجهودها في النشر والإصدار.
بالمقام الأول،حولية تجمَع العناوين وخلاصة الوظائف في المدرسة أينما تم إصدارها؛حولية يظهر فيها، وفقا لطلبهم البسيط، كلّ أولئك الذين تقلّدوا مناصب فيها.
الانضمام للمدرسة يتم عن طريق عرض ذاتي في مجموعة عمل تشكلت وفق ما وصفناه سابقا[7].
يتم البتّ في القبول بداية من قبلي،من دون الأخذ بالحسبان مواقف اتخذّها تجاهي أحدهم في السابق ؛ واثق أنا من أن أولئك الذين تركوني لست أنا من يكنّ لهم ضغينة،وإنما هم أولئك الذين دوما سيكنّوها لي أكثر،جرّاء عدم قدرتهم على التّراجع عنها.
زيادة على ذلك، ستتطرق إجابتي فقط إلى ما أستطيع افتراضه أوالتحقّق منه،من خلال قيمة المجموعة ومكانها الذي تعتزم ملأه منذ البداية .
تنظيم المدرسة على مبدأ التناوبإليه قد أشرت، يتحدد بعناية لجنة متفق عليها من قبل الاجتماع العام الأول والذي سيقام بعد سنة من الآن. هذه اللجنة سوف تناقش المبدأ بناءا على التجربة التي اكتسبت حتى نهاية السنة الثانية، وحينها سيضطر اجتماع عام ثان للمصادقة عليه.
ليس ضروريا أن ينفّذ الأعضاء هذا البرنامج بمجمله من اجل ان يعمل. لست بحاجة لقائمة طويلة،وإنما لعمال ذوي تصميم،كما اني جزء منهم حاليا.
(21 تموز 1964)
ملاحظات المترجم:
[1][بعد ثلاثة شهور, المدرسة الفرويدية الباريسية – ج. أ. ميلير.]
[2][الكارتيل وهو وحدة العمل الأساسية في المدرسة التي اقترح مبناها لاكان في هذا النص. – المترجم ]
[3][Praxis and Doctrine بالإنجليزية وهذه أنسب ترجمة وجدتها تُقارب المكتوب - المترجم]
[4][ورد في النص الانجليزي دون ترجمة وهو مصطلح فرنسي يستخدم عادة في اللغة الإنجليزية، ويعني "سبب وجود الشيء "- المترجم].
[5][ nosology - علم تصنيف الأمراض - المترجم]
[6][أو أخلاقيّات – المترجم]
[7][أي الكارتيل- المترجم]
[i]المحاضرة التي قدمها ميلير في المؤتمر العلمي الاول للمدرسة اللاكانية للتحليل النفسي في ايطاليا (2000) بعنوان “نظرية تورينو حول ذات المدرسة”.
[ii]“انتصار الدين” هو توثيق لمؤتمر صحفي مع لاكان , عُقِد في روما في العام 1974 ونُشر لاحقا. و”النصوص” (Ecrits) هو الكتاب الوحيد الذي أصدره لاكان في حياته (1966) وجمعت فيه اعماله ومقالاته المكتوبة الأساسية.