ليتك تأتي… / بدر طه
ليتك تسمعني، وتلتفت
إلى هذا الحزن كلّه
وتأتي
من الغرب على سروج الريح
ويداي أنا جنوبٌ شاسع
على وسعهما، أصيح في غابات الدرب
| بدر طه |
ليتك تأتي ..
هذا الموسم أيضًا،
تهطل من سرب السنونو
إلى ريف قلبي ..
تتفتّح مع بتلات النارنج
في أصيص أمّي
كلّما تدلّى الصحو
من شبّاك الجارة
في يافا
ليتك تعتذر عن الهجرة
هذا الموسم،
وقبل ديسمبر.. تأتي إليّ
* * * * * *
ليتك تأتي..
مع حزنك إلى جانبي
وتتوسّدني كقرنفلةٍ
بعدُ تزهو،
فتغفو
كما تغفو الكمنجة
على حضن كتفي
وتُعفي جديلتك
نهرًا أمام البحر
تصير كتفي ضفافا
ونفَسي موجا،
وهذه القبلة زبد
* * * * * *
ليتك تأتي..
كما أتيت مرةً في الحلم،
وبيننا بيادر قمح، لا حدّ لها
والله كان أقصى ما نراه،
وخُطاي من بعيدٍ
تُهدي الخطى
دربها إليك
والصيف حولنا لا يشرح
سوى:
كيف أهديتُ زرّ الورد، أنت
ما لي أعانق كل ما فيك
وأنبتُ بين يديك
سُنبلة
فأهمس لك أحبّك
أحبّك،
وأقبّل نور الملح
في فمك المخضّل
حتى تصير خدودك
بلون الدّراق.. والشفق
وأعيد الصلاة، مرّة
وثانية وثالثة..
والشمس تعيد ظلالك
إلى أن تصير
رحيقا غفيرا يعذّب الذاكرة..
ولا مغفرة!
* * * * * *
ليتك تسمعني، وتلتفت
إلى هذا الحزن كلّه
وتأتي
من الغرب على سروج الريح
ويداي أنا جنوبٌ شاسع
على وسعهما، أصيح في غابات الدرب
يا سنّة الصبح
ويا جمال المغيب
حلّفتك بأشجار اللوز
بالبحر
بالغابات
بالسماء
بالمطر
بفيروز التي بيننا
بيدك التي ما زلت أحسّها،
أشمّها على يدي،
أن تعتذر للسرب عن الهجرة
هذا الموسم،
وتأتي
مع الشتاء
مبللا كمظلّة،
كما أنّك أجملُ
كأيّ شيءٍ في الشتاء
أجمل
حين يأتي، ولا يغيب