كترانين سُفرا فلسطين/ تغريد عطا الله
أتهجّأ هذا اللقب الفخم، أعني (سفيرة) طبعًا، وتبقى ترنّ الكلمة مفخّمة زيادة عن اللزوم في أذني كيفما تلفظها متباهية تلك الشابّة!
.
|تغريد عطا الله|
غضبت فنانة غزّاوية شابّة اسمها هناء همّش حينما تعجّبتُ من رغبتها الشديدة بأن تكون سفيرة فلسطين للنوايا الحسنة، غضبت كثيرًا وكأنّ استغرابي يُهينها بعض الشيء، يُهبط من قيمتها، وتباهت بعلاقاتها مع كبار المسؤولين الذين وعدوها وعدًا حقًا بأنّها ستُحقّق مرادها قريبًا بنيل اللقب العظيم، وكلام كثير كثير جدًا يُسرّ قلب الواحد به، خصوصًا حينما يتعلّق الحديث بحلم صبيّة في السادسة والعشرين من عمرها بالتحليق والشهرة والـ… وفي الوقت ذاته، يصدم هذا الحلم ويصدم لدرجة أنّه يدفع للسباب بالقدر الذي يشفي غليل القهر نفسه، وبوجه خاص حينما أتذكّر أنّ أصدقاء وأقرباء كثرًا ما زالوا عالقين على حدود معبر رفح الفاصل بين مصر وقطاع غزة، لحظة بلحظة يترقبّون أن يحنو معبر رفح على قلوبهم، فيفرد لهم ذراعيْه لو لساعتين زمنيتين، تسمح لهم بالعودة إلى أحضان غزتهم العنيدة.
بهذا أعلق أنا الأخرى بينهم وبين الصبية التي تحلم بأن تكون سفيرة وأخريات وآخرين مثلها! أتهجّأ هذا اللقب الفخم، أعني (سفيرة) طبعًا، وتبقى ترنّ الكلمة مفخّمة زيادة عن اللزوم في أذني كيفما تلفظها متباهية تلك الشابّة! من هنا بدأ سؤالي عمّا إذا كان هذا هو مجتمعنا الحقيقيّ أم إنها مفارقة درامية من وحي الخيال؟ هل بالفعل هذا شكل مجتمعنا الفلسطينيّ؟ وبالتأكيد كانت الإجابة تأتي دائمًا بأنه منذ زمن كانت فلسطين أكثر انسجامًا، وكان المواطن الفلسطينيّ يحيا وسط ثقافات ولهجات بل وجنسيات مختلفة، تنقل عوالم عديدة وطباعًا متباينة إلى أحداث يومه الواحد.. أو أنّي بالكاد أحلم وأرسم صورًا من محض الخيال، أختلقها فقط من باب الرأفة بحال مجتمعي المُتعب جدًا!
(غزة)