الإعلام الإسرائيلي يتجند لتجنيد المسيحيين العرب/ ربيع عيد
قراءة في تقرير القناة الإسرائيلية الأولى المصور ■ أصبح واضحًا اليوم أنّ عملية المواجهة للمخطط ما زالت المواجهة خجولة جدًا، وهذا يدفعنا نحو حراك سريع وشامل على كلّ المستويات
|ربيع عيد|
عندما بدأ جبرائيل نداف في الظهور العلني والإشهار بموقفه الداعم والمبارِك لتجنيد المسيحيين العرب في جيش الإحتلال الإسرائيلي، قال الكثيرون يومها إنه صوتٌ نشاز ويجب عدم إعطائه هذه الأهمية، إلا أننا أصبحنا في مرحلة مختلفة اليوم؛ فنداف الأمس يختلف عن نداف الحاضر، خصوصًا أنّ نداف يحظى بكل الدعم من المؤسسة الإسرائيلية والحكومة ومن رئيسها شخصيا بنيامين نتنياهو الذي استضافه في ديوانه، والذي قدم له تهنئة خاصة بمناسبة عيد الميلاد مشجعًا المسيحيين الذين يخدمون في الدولة اليهودية، وأعلن عن إقامة “منتدى تجنيد المسيحيين” كوحدة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتم تنصيب شادي خلول ناطقا باسمه في مشهد جديد ذي شقين: الشق الديني من خلال ثوب نداف كرجل دين، والشق العملي والعلمي من خلال خلّول كمتجند سابق فاعل على التجنيد، وكل هذا مع دعم حكومي وشاباكي واضح، وبلغة لا تخلو من الترهيب لكلّ من يواجه هذا المخطط الجديد والجدّيّ، من استدعاء شخصيات وقيادات للتحقيق بحجة تهديد نداف، أو تقديم شكاوى ضدّ وسائل إعلام ومؤسسات وطنية.
وكانت تصريحات يريف لفين، رئيس الإئتلاف الحكومي، الأسبوع الماضي، الحدث الأبرز على مدى تصاعد هذه الهجمة على عروبة المسيحيين، ومحاولات فصلهم عن قوميتهم العربية وهويتهم الفلسطينية. إذ قال لفين بشكل واضح إنّ المسيحيين ليسوا مسلمين ولا عربًا بل هم مسيحيون”، داعيا إلى تعريفهم في الهوية بذلك تحت بند القومية.
بالإضافة إلى ذلك كله، لا يتوانى الإعلام الإسرائيلي بالمساهمة بالتسويق للمشروع من خلال فتح منابره لدعاة التجنيد، وتصويرهم كمناضلين يسعون للاندماج في المجتمع الإسرائيلي، ومصورين من يعارض هذا التوجه بالمتطرفين.
إعلام في خدمة التجنيد
ولعلّ أبرز ما نُشر عن الموضوع في الإعلام الإسرائيلي هو تقرير القناة الأولى المصور قبل أسبوعين بعنوان “معضلة التجنيد للمسيحيين”، وكأنّ التجنيد هو مطلب ويواجه معضلة وبحاجة الى حلّ. يبدأ التقرير التلفزيوني المطول (17 دقيقة) بمشاهد من ثورات العالم العربي لأناس منتفضين يرمون الحجارة ويغلقون الشوارع، يرافقها بعد ثوان جبرائيل نداف وهو يتكلم عن أوضاع المسيحيين في الدول العربية على أنهم بدون حقوق ويتعرضون للقتل والتهجير والاغتصاب فقط كونهم مسيحيين، ويرافق ذلك كله صوت الشارع المنتفض والغاضب، ثم يسأل نداف بخبث: هل يحصل هذا في دولة اسرائيل؟ ويجيب: لا يحصل في دولة إسرائيل. ثم يطلّ شادي خلول، الناطق الرسمي باسم “منتدى تجنيد المسيحيين”، ليفتي بالقول: “على كل مسيحي في إسرائيل أن يتجند ويحمي هذه الدولة للأبد، لأنه في حال تغير نظام الحكم هنا، فأول من سيعاني هم المسيحيون”.
رفض العرب المسلمون والمسيحيون منذ قيام دولة إسرائيل الانضمام إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي بينما فرضت الخدمة على الدروز، وإن كانت هنالك حالات معينة، فهي قليلة جدا ولا تعبر عن ظاهرة ولها مسبباتها الاجتماعية والسياسية، مع الإشارة أيضًا أنّ قسمًا كبيرًا من العرب الدروز يرفضون الخدمة العسكرية ويتهرّبون منها لعدة أسباب وطرق وبأرقام كبيرة، خصوصًا أنّ ما حصل للدروز كان بمثابة فرض من خلال اتفاق بعض القيادات في الطائفة الدرزية مع المؤسسة الإسرائيلية لمصالح خاصة.
وفي حالة فحص للأسباب التي تدفع بعض الشباب من مسيحيين ومسلمين للخدمة في الجيش، فهي تكون غالبا لأسباب اقتصادية أو حياتية وبحثا عن أمان شخصيّ بعد مشاكل عمومية أو طائفية، ومن ثم يأتي التبرير “الأيدولوجي” القائل إنه علينا تقديم الواجبات للدولة التي تحمينا، وتبدأ عملية سلخ ذاتي عن الهوية القومية الجامعة.
تجنيد في العلن
والخطير بمشروع نداف وخلول هو استغلال هذه البيئة الضعيفة جدًا في المجتمع العربي الفلسطيني، والانطلاق منها من خلال تنظيمها وتعزيزها، والعمل في العلن ببثّ هذا الخطاب بشكل موسع ضمن مشروع منظم ومموّل له ممثلون ورموز وصفحات على الفيسبوك ومكاتب وحماية، وطبعا وسائل إعلام حاضنة، كما رأينا ذلك في التقرير التلفزيوني من خلال المساحة الكبيرة التي أعطيت لمتجند من قرية الجش ومتجندة من قرية معليا للحديث عن أحلامهما وحياتيهما ومستقبليهما ضمن جيش الاحتلال الإسرائيلي، “كممثليْن” عن الصوت الشبابي العربي الصاعد والمتحدّي، في عملية تزييف واضحة المعالم والأهداف.
وطبعا كما في كل مرة يُعرف المواطن العربي في هذه البلاد على أنه فلسطيني، يكون الجواب الإسرائيلي له: “فلتذهب إلى غزة حيث فلسطين”، الإ أنه هذه المرة قيلت من فم عربيّ، والد الفتاة الراغبة بالتجند، كردّ على عزمي حكيم، رئيس مجلس الطائفة الأرثوذكسية، الذي عدّد أسباب رفضنا للتجنيد. إبراز والد الفتاة، كما إبراز الصليب المعلق على صدره، ليس إلا محاولة لتعزيز هذا التوجّه، أو هذا “التحالف” بين المسيحية والصهيونية، فلا يوجد للإعلام الإسرائيلي مشهد أفضل من مشهد مواطن عربي يهاجم عضو كنيست عربيًا بسبب مواقفه الوطنية كما حدث.
وفي ردّ أصحاب مشروع التجنيد على سؤال “هل ستحاربون أبناء شعبكم؟”، يبررون بأنهم ليسوا فلسطينيين وليسوا عربا أصلا، كما يقول خلول الذي يريد أن يجند المسيحيين العرب، وكما يحاول نداف أن يثبت أن أصول المسيحيين في البلاد غير عربية، وكأنّ العروبة دخيلة على المسيحية، مع ذلك فهم لا يجيبونك على جوهر السؤال حتى لو عرفوا أنفسهم بما يشاؤون، سؤال مشاركتهم في جيش احتلال يقتل ويعتقل ويحاصر البشر، الأمر الذي يتنافى مع الديانة المسيحية التي يدّعون تمثيلها.
نداف طبعًا يلعب دور الضحية أيضا على أنه مهدّد بشكل شخصي ويوجه التهمة للنائب باسل غطاس، على أنه فتح الباب للهجوم عليه وإيذائه جسديا! بدوره ينفي غطاس هذه التهمة ويؤكّد على مواصلة العمل على تجريد نداف من ثوبه الكنسيّ وإفشال مخطط التجنيد.
أصبح واضحًا اليوم، أننا على عتبة مرحلة جديدة تستهدف هذه المرة المسيحيين الفلسطينيين في البلاد، من خلال سلخهم عن هويتهم القومية، ولو بشكل تدريجيّ، وذلك إذا أردنا أن نصف الحالة بشكل دقيق، وهذا المشروع على ما يبدو أنه مدروس و”ماشي”، بينما في المقابل ما زلنا نفتقد لمخطط مدروس وبرنامج عمل لإفشال ما يتربّص بالأقلية العربية من فرّق تسُدْ، برغم البيانات والتصريحات وصفحات الفيسبوك، ما زالت عملية المواجهة خجولة جدًا، وهذا يدفعنا نحو حراك سريع وشامل على كلّ المستويات، ويجب عدم إضاعة زيارة البابا إلى البلاد قريبًا، كفرصة لصالح إفشال المخطّط، وهذا بحاجة لعمل يسبقه خصوصًا بين الشباب، والعمل للضغط على الكنيسة بشكل أكبر حتى فصل نداف نهائيًا، وإصدار مواقف من جميع الكنائس في كلّ بلد وبلد، والأحزاب والمؤسسات والهيئات المختلفة لعرب الداخل، فاستهداف الدولة العبرية لعروبة المسيحيين ما زال مستمرًا.
16 يناير 2014
بما إنو المشروع طائفي مقيت فالكلام أدناه سيبدو طائفي . اعذروني.هذا ليس تبريراً للتعامل مع إسرائيل وتجنيد المسيحيين ، فقط فكرة لمن يريد أن يبحث عن كيف يمكن أن يجابه مشروع نداف – خلول.مشروع
نداف – خلول ما كان له أن يستقطب هذا الزخم الاعلامي لولا الواقع المقرف
في العراق ، سورية ومصر. (أرجو أن لا يكن هناك إقبال من قبل الشباب المسيحي
الفلسطيني…لا أعرف )المشروع الوهابي الارهابي في المنطقة لا يترك مجال للشك كيف سيكون واقع المسيحيين إذا كان لهم ما أرادوا. للاسف.التوعية (ليس فقط) ضرورية في أوساط الشباب الفلسطيني المسلم قبل المسيحي. الجهاد في فلسطين أقرب من الجهاد في سورية.