في جرش: “هوى” ريما خشيش بالموشحات/ رشا حلوة
من خلال هذا الحوار، تُحدّثنا ريما خشيش عن سحر حضور الموشحات في مسيرتها الفنّية، عن صعوبة اختيار أغانٍ خاصة بها لوجود أزمة في الشعر والألحان، وعن حفلها القادم ضمن “مهرجان جرش” الأردني، التي تعود إليه هذه المرة وفي حوزتها أغانٍ كثيرة، لكن هذه المرة على خشبة المسرح الأثريّ لتقدّم من مجمل ألبوماتها ما عدا ألبوم “من سحر عيونك”.
في جرش: “هوى” ريما خشيش بالموشحات/ رشا حلوة
| حاورتها: رشا حلوة |
في برنامج المواهب الذي يحمل الاسم “ليالي لبنان”، بدأت مسيرتها الفنّية. كانت في الثامنة من عمرها، غنّت عندها موشح “أنتَ المدلل” لكامل الخلعي. منذ ذاك اليوم، أخذت الموشحات الحيز الأكبر من مسيرة الفنانة اللبنانية ريما خشيش. بجمالية وإتقان وتجديد، حملت الموشح كما يليق به، فغنّت “فُتن الذي” في بيت الموسيقار فؤاد عبد المجيد في مصر، والتي استخدمت صوتها وهي طفلة في التسجيل ضمن ألبومها الثالث “فَلَك” (2008). في نفس الفترة، انضمت إلى كورال الأطفال للموسيقى العربية ومن ثم انتقلت إلى فرقة بيروت الموسيقى العربية بقيادة المايسترو سليم سحّاب.
في العام 2000 تعرّفت إلى موسيقيين هولنديين، وهذا اللقاء أثمر ألبومها الأول الذي يحمل الاسم “قطار الشرق” (2001)، وفي عام 2006 أصدرت ألبومها “يالالالي” والذي تعتبره ألبومها الأول، يحتوي الموشحات وأغاني خاصة لها (من كلمات وألحان جديدة). في رصيدها أيضًا ألبوم “فَلَك” (2008) الذي يضم موشحات وأغانيَ من التراث المصري واللبناني وأغانيَ خاصة. في عام 2012 أصدرت ألبومًا يضم مجموعة من أغاني الفنانة الكبيرة صباح من أفلامها العديدة، يحمل اسم “من سحر عيونك”. ومؤخراً، في بداية عام 2013 أصدرت ألبومها الخامس “هوى”، ويحتوي موشحات فقط.
من خلال هذا الحوار، تُحدّثنا ريما خشيش عن سحر حضور الموشحات في مسيرتها الفنّية، عن صعوبة اختيار أغانٍ خاصة بها لوجود أزمة في الشعر والألحان، وعن حفلها القادم ضمن “مهرجان جرش” الأردني، التي تعود إليه هذه المرة وفي حوزتها أغانٍ كثيرة، لكن هذه المرة على خشبة المسرح الأثريّ لتقدّم من مجمل ألبوماتها ما عدا ألبوم “من سحر عيونك”.
- منذ أنّ كانت ريما خشيش في الثامنة من عمرها، غنّت الموشح الذي ما زال حاضراً في حفلاتها وألبوماتها. اليوم، في رصيدك أغانٍ خاصة بك. لكن ما هو السبب الذي يعيدك دائماً إلى غناء وتسجيل الموشح من جديد؟
خشيش: “يُعتبر الموشح قالبا موسيقيا يحتوي الطرب وهو خفيف وقصير كمدة زمنية بنفس الوقت. فيه جمالية بالإيقاعات والأداء والكلمات، وهو أسهل الأطر الصوتية ومن أسهل القوالب الغنائية وقريب من القلب. الموشح مستمر معي منذ أول أغنية غنّيتها كطفلة ولن يخرج لا من حياتي ولا من مهنتي الموسيقية وليس بالسهولة أن يخرج. فبالتالي الأغاني الخاصة بي هي قليلة مقارنة بعمري الفنّي الذي أعدتُ غناء التراث به”.
- برغم أنك قلتِ في أحد الحوارات الصحافية إننا “لا نملك عظماء مثل الذين رحلوا على صعيد الشعر أو الموسيقى” (صحيفة البديل المصرية)، إلا أنك قدمت أغانيَ خاصة بك. كيف اخترت كلمات وألحان هذه الأغاني؟ وما هي التحديات التي تمرّين بها دوماً عند انتقاء الجديد؟
خشيش: “برأيي، على صعيد الكلمة نجد شعراء عظماء، لكن الأمر أصعب بكثير على صعيد اللحن. فكلّ شيء قد قيل وبأعظم طريقة ممكنة. من الصعب أنّ نجد ملحناً جديداً يقدم لحناً مبدعاً لم يقله أحد من قبل. لهذا يعتمد العديد في الألحان على بُعد ثانٍ كالتوزيع مثلاً. ولكن الإبداع بالجملة اللحنية الجيدة والمركبة والجميلة لا يبدع بها أحد اليوم. صحيح أني قدمت أغانيَ خاصة، إلا أني لم أفتش يوماً عن لحن بمستوى القديم. بدأت بغناء أدوار لزكريا أحمد وسيد درويش ومحمد عبد الوهاب، هؤلاء لا يمكن أنّ أجد أغانيَ بمستواهم، وحين أريد أن أغنّي أغنية جديدة لا أتوقع أن أجد مثلهم، وهذا يسهل عملية البحث. حين أختار أغنية، أبحث عن الكلام البسيط والقريب من الناس، كيف منحكي إحنا وكيف منعبر عن حالنا. الكلام الذي يشبه هذا العصر ويحكي لغة الناس اليوم. حقيقة، بأني لم أتعامل مع ملحنين أو شعراء تجاريين. على سبيل المثال، ربيع مروة ليس شاعراً، لكنه يكتب كلمة تمسّني وأشعر بها وأستطيع غناءها. ذات الشيء مع عصام الحاج، الذي يتعامل مع الموسيقى كهواية، وهنا غير المقصود أنه ليس بالمستوى المحترف، إنما تعامله مع الموسيقى بشغف. لهذا حين أختار أغنية خاصة، تكون بهذه المعايير”.
- في ألبومك الجديد “هوى”، اخترت أنّ تغني الموشحات فقط. كيف تم اختيارت هذه الموشحات بالذات؟
خشيش: “الفكرة هي تقديم الموشحات القديمة التي تربيت عليها وغنّيتها طوال حياتي. صحيح أني سجلت موشحات في “يالالالي” و”فلك”، إلا أنّ الاختيار جاء بناءً على الآلات الموسيقية المرافقة. اخترت الأغاني التي أستطيع أن أقدمها مع ساكسفون ودرامز. إنما “هوى” فيضم آلات عديدة: الكلارنيت، الإيقاعات، الرق والكونتراباص. من الناحية الثانية، حاولت أنّ أختار موشحات لا تسجيل لها بالسوق، كمحاولة لإعادة غناء موشحات غير معروفة للناس”.
- بالإضافة إلى حبّك للموشح كقالب موسيقي وكلمة وأداء، هل اختيارك لغنائه متعلق أيضاً بالدور التوعوي للموسيقى من جهة ولربما المرتبط بكونك معلمة موسيقية، ومن جهة ثانية دور الفنان بإعادة تسجيل أغانٍ قديمة لنشرها وكشفها للجمهور لاسترجاع قيمتها الفنّية والإنسانية؟
خشيش: “أكيد، ولكن ليس من منطلق كوني معلمة موسيقى. إنما لأني مطربة وأحبّ هذه الموشحات وأشعر بضرورة أن يعرفها الناس أكثر. ألبوم “هوى” هو أصعب ألبوم أصدرته، وهذه الصعوبة متعلقة بالجمهور. لأنّ الألبوم يحتاج إلى جمهور يحبّ هذا النوع من الموسيقى كي يكون بمقدوره الإستماع إليه. وحتى لو كان ثمة شخص يحبّ هذا القالب الموسيقي، إلا أنه لن يستوعبه من أول مرة، سيحتاج إلى سماعه مرات عديدة. ممكن أنّ تثير إنتباهه أغنية بالبداية، ولكن بعد فترة ستعجبه أغنية ثانية. وبالتأكيد هو أيضاً لكشف الجمهور على موشحات جديدة”.
- ماذا يعني الموشح بالنسبة لك؟ من الناحية الموسيقية وكذلك الإنسانية والتاريخية؟
خشيش: “الموشحات تضم كلمات رائعة، وجمالية باللغة والصور الشعرية. قبل أن أذهب لتسجيل “هوى”، وبرغم وجود موشحات غنّيتها منذ كنت طفلة، إلا أنني لم أفهم العديد من الصور الشعرية. فكان الحلّ أن ألتقي بأستاذ لغة العربية كي أفهم كلّ كلمة وصورة. وهذا غير منوط بتمكن المستمع باللغة، أحياناً نحتاج لأن نعود إلى لسان العرب كي نفهم. وللأسف تضيع الصور الشعرية أحياناً، وأنا لا أستطيع تفسيرها على خشبة المسرح قبل الغناء، فتفقد جماليتها نوعاً ما.
“أما على صعيد اللحن، فيكمن الإبداع به من خلال تلحين هذه الكلمات، الذي لم يعد موجوداً اليوم. التقسيم واللعب بالكلمات. فمثلاً، استخدام كلمة مثل “يالالا”، والتي لا معنى لها، لكن وظفوها في اللحن لخدمة الإيقاع. هذه الكلمات هي ما يُسمى بـ “كلمات للملء”، وقسم كبير منها جاء من تأثير التركية على العربية، ككلمتي أفندم وأمان”.
- يوم الرابع من تموز/ يوليو سوف تحيين حفلاً ضمن مهرجان جرش في الأردن. ولأن الطريق من فلسطين إلى الأردن سهلة نسبياً، فسوف يتمكن جمهورك من حضور الحفل. لجمهورك وللفلسطينيين، ماذا توجهين عبر هذا المنبر؟
خشيش: “حلمي أنّ أغني في فلسطين، وللأسف لا أستطيع تحقيقه اليوم. أعلم كم تحتوي فلسطين موسيقيين رائعين وموهوبين وكمّا هائلا من الإبداع الموسيقي. بي رغبة كبيرة أن أغنّي فيها، وأعلم أنّ العديد من الفلسطينيين يسمعونني ويعرفونني من خلال الألبومات الموسيقية، وهذا أحد التأثيرات الإيجابية للإنترنت بحيث أصبح العالم مفتوحاً. سأكون في جرش يوم الرابع من تموز/ يوليو، كلّي أمل أن يحضر الجمهور الفلسطيني، وأتمنى أن ألتقي بجمهور فلسطين هناك.. لوّ لم نلتقِ في فلسطين، فسنلتقي في جرش”.
5 يناير 2015
أتمنى أن تلقى موشحات ريما خشيش صدى أكبر في العالم العربي خاصة و أن الفن في بيئتنا أضحى في سنوات عجاف…..