ما سمناش عرب إسرائيل/ نرمين عبد موعد
|نرمين عبد موعد| أهوى الدندنة حين أكون بمزاجي الهوائي، […]
ما سمناش عرب إسرائيل/ نرمين عبد موعد
|نرمين عبد موعد|
أهوى الدندنة حين أكون بمزاجي الهوائي، المتقلب بين “رواق المزاج” وعصبيته، وأغني كُل ما “يأتي ع البال وع الخاطر”. وتتناسب الأغنية في الكثير من الأحيان مع الحالة الراهنة المتعلقة بالحُب والسياسة والأحداث الجارية، بغضّ النظر عن عذوبة صوتي أو “نشازه”. المهم أن أكون جزءًا من الجوّ العام والسّائد الذي تتمازج معه أُغنياتي.
أجل أهوى الدندنة، وهي من صفاتي، ولي محاولات أدبية متواضعة، وخربشات على قماش “الكانفاس”، لكنها لم تخرج من صومعة محاولاتي. لكن كثيرين غيري هُم فنانون حقيقيون يعشقون الفنّ والإبداع، وشُعراء وأدباء، وهم صورة فنية مُشرفة تمثل فلسطين التاريخية من شمالها إلى جنوبها، وجديرون بأن يتنافسوا مع فنانين ومبدعين من أرجاء الوطن العربي، وربما يتفوقون عليهم، وفي الكثير من الأحيان هُم جديرون بالمنافسة على المستوى العالمي. لكن المشكلة أننا مقيدون بسياسات فُرضت علينا لنكون شعبًا داخل شعب، وما يُمليه علينا ضميرنا محاربة سياسة التفرقة بين أبناء الشعب والوطن الواحد.
لكني لست من هواة السياسة، رغم أنّ قدميّ وطئتا مستنقعاتها بين الفينة والأخرى، وكُلما هفت رجلي نحوها تداركت وحرصت على الرجعة إلى برّ الأمان، “أبعد عن السياسة وأغنيلها”. لكنّ السياسة تجري من حولنا دائمًا، فلا نستطيع الهرب منها، لأنها جزء من حياتنا.
فمجرد كونك فلسطينيًا، أنت مُجبرٌ على تذوّق التمييز ضدّك؛ أينما حلّ الفلسطيني يعاني سياسة تمييز ضدّه، سواءً أمن الاحتلال الإسرائيلي أم في بلاد اللجوء العربية وفي الوطن الكبير. ومعلوم أنّ هُنالك سياسة مُجحفة بحقك كفلسطينيّ، بل هُناك سياسات متعمّدة وتتفنن بقهرك وتكسير أجنحتك، فلا “ريد بول تنفعك ولا الفوَّط أم الجوانح” عند هذه الحالة، لأنّ غاية مبتكري هذه السياسات التجبّر بك والتضييق عليك، في مجالات متعددة، أهمها العلمية والثقافية والاقتصادية ونيل الحقوق. وكونك من الداخل الفلسطيني، فأنت في دائرة التهميش المُشترك!
وبما أننا نتحدث عن التهميش، فحدث ولا حرج؛ ونستقي هذه المقولة، من البرامج الفنية ودعم المواهب، والمبدعين الفلسطينيين، وخاصة المنزرعين في الأراضي المحتلة عام 1948، ومن “انجلاق” أحلام على برواس حسين (الكُردية)، وشلة “أراب آيدول”!
بعد موجة النجاح التي اكتسحت العالم العربي، أثناء عرض الموسم الأول من برنامج “سوبر ستار” على تلفزيون المستقبل اللبناني، قبل عقد من الزمن، حاولت مجموعة من الفنانين الفلسطينيين أبناء الأراضي المحتلة عام 1948، الذهاب إلى الأردن للمشاركة في تجارب الأداء التي نظمت في الموسم الثاني من البرنامج، لكن للأسف، وحسب ذاكرتي المتواضعة، واجه الفنانون بعض العراقيل، وبالكاد سمحت لهم لجنة التحكيم بتقديم تجارب الأداء، والنتيجة كانت معروفة: “نأسف لعدم مشاركتكم معنا، لأنكم من “عرب إسرائيل”، وتحملون الهوية الإسرائيلية”!
من المُحزن أنّ أشقاءنا في الوطن العربي رمونا في خانة التخوين الدائمة، وحتى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ومصطلح “عرب إسرائيل”، هو نتاج لسياسة فرق تسد الإسرائيلية، وتقسيم الفلسطينيين إلى مِلل وطوائف، وأوساط. أجدادي هم من عانوا الاحتلال الإسرائيلي الأول، وهم من هُجّروا من بيوتهم وهاموا في الأرض في مخيمات اللجوء، قهرًا وقسرًا، وأجدادي من رفضوا مخيمات اللجوء العربية وتمسّكوا بتراب فلسطين وناضلوا للبقاء في الأراضي المحتلة عام 48، ونحن ورثنا النضال منهم، ونحن لسنا أرقامًا، ولسنا مصطلحًا، نحن القضية، ولولا فلسطينيي (48) لما كانت قضية فلسطينية- والله أعلم.
فلسطينيو (48) هم حراك شبابي من أجل القضية الفلسطينية في المرتبة الأولى، هم من رفع علم فلسطين في ذكرى النكبة عند بوابات القدس، دون خوف أو رهبة، هم حراكٌ شبابي من أجل الأسرى الفلسطينيين، وهم النفير الذي نادى من أجل حُرية سامر العيساوي وباقي الأسرى، ومن ضمنهم الأسرى الأردنيون، في الوقت الذي يتسامر أبو مازن كل ليلة جمعة وسبت أمام التلفاز من أجل دعم صوت محمد عساف (وهو صوت فلسطيني جميل، وجمع كل الفلسطينيين، الذين فرقتهم إسرائيل والمصالح الشخصية).
من تذكر غيرنا “أنّ يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا”، ومن يتذكّر أنّ 15 أيار من كلّ عام هو يوم نكبة الشعب الفلسطينيّ؟ نحن مرتبطون بالأرض، ومن أطلقنا ذكرى يوم الأرض، وسنموت على هذه الأرض التي تستحق الحياة!