لماذا باسم يوسف؟/ إسلام أبو العز
السؤال الأهم والمنطقي: لما كل هذه الضجة ولماذا حدثت في حالة باسم يوسف بالذات مع أن نفس الأمر يتكرر بصورة مستمرة مع كُتاب أعمدة ومقالات لهم وزنهم في مصر؟
| إسلام أبو العز* |
بدا ولو أن مستخدمي الشبكات الاجتماعية لا يغفروا، أو ينتظروا أخطاء الآخرين، خاصة لو كانوا ناجحين مثل الإعلامي اللامع باسم يوسف، حيث كانت “فضيحة” أمس سقطة غير هينة في مسيرة الرجل الذي صنع نجوميته من فضح وكشف جرائم وتضليل الإعلام الموجهة عندما بدأ برنامجه “البرنامج” منذ ثلاث سنوات عبر منصة على الأنترنت، حيث لا رقابة، ملتزما بأخلاقيات وأهداف أتسمت بالثورية.
بدأ الأمر عندما نشرت الشروق المصرية مقال يوسف الأسبوعي، ضمن سلسلة مقالات حازت ثقة وإعجاب متابعيه الذين عدوا برنامجه ومقالاته وآرائه تعبر عنهم وتمثلهم بشكل أو بأخر،خاصة مع طغيان الرأي الموجهة في الإعلام المصري.
تطرق باسم في مقاله إلى منطقة جديدة غريبة عن قلمه، فتطرق إلى أزمة القرم والنزاع الروسي الأمريكي، مدليا بدلوه في قضية شائكة، ولا يصلح معها كتابة “الانطباع الشخصي” تجاه قضية ما المسيطرة على مقالات الرأي بشكل كبير في مصر، فلجأ باسم إلى الاستيلاء على تحليل ورؤية كاتب أخر ونسبها إلى نفسه، ولأن الإنترنت والشبكات الاجتماعية ساحة كاشفة –وهو ما يدركه باسم بحكم طبيعة عمله- ففُضح الأمر سريعا، ليقوم بالرد على تساؤل صاحب المقال الأصلي البريطاني –المتباهي بصهيونيته –”بن جودا” بأنه ذكر أنه استعان به كمصدر ولكن القراء لا يكملون للنهاية، مبديا اعجابه بالمقال!
على الطرف الأخر لم يبادر باسم أو الشروق إلى الاعتذار على الفور، ولكنهم قاموا بخطوات تضليلية، قبل اعتذار متأخر في اليوم التالي لخص الحدث تحت بند “سقط سهوا”، وهو ما ساهم في تفاقم الأمر، فبعد اكتشاف نقل باسم الحرفي للمقال بعد سبع ساعات، قاموا بإضافة سطرين في أخر المقال بعد نشره بأكثر من عشر ساعات ذكر من خلالهما أنه استعان بمصادر في كتابة مقاله. وتم إعادة نشر المقال عبر حساباتهم على الشبكات الاجتماعية، كأن شيئا لم يكن وفي استعماء واضح للقراء، الذي اتهموا من جانبه بأنهم لم يتموا قراءة المقال للنهاية، مما زاد حدة الهجوم عليه وتدشين هاشتاج على تويتر أتهم فيه باسم يوسف “بالتضليل والتدليس”.
سلوك باسم التبريري المرتبك أوقعه في فخ سبقه إلية الإخوان المسلمون، فعندما كتب موقع إخوان ويب التابع للجماعة على حسابهم باللغة الإنجليزية على تويتر مخاطبين السفارة الأمريكية بالقاهرة بلغة ود ورجاء إبان أزمة الفيلم المسئ للإسلام في ذات الوقت الذي كان حساب الموقع نفسه على تويتر بالعربية يهاجم الولايات المتحدة ويزيد من سكب الوقود على النار، ونبهتم السفارة إلى أنهم يقرءوا ما يكتب على كلا الحسابيين، وهي المفارقة التي أستغلها باسم في أحد حلقات برنامجة للسخرية من الخطاب المزدوج لجماعة الإخوان، وكذلك مرة أخرى ساخرا من السياسة الأمريكية تجاه الإخون.
تبرير باسم يوسف لما حدث تغافل أن هناك قواعد مهنية حتى في مقالات الرأي، وما حدث ليس مجرد اقتباس ولكن سرقة مضمون وفكرة المقال الأصلي ببنيته وترتيب أفكاره. فالاقتباس في مقالات الرأي كما ذكر الروائي والكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد لابد أن “لا يتجاوز 8 أسطر مع الإشارة بوضوح للمصدر وأن اقتباس المقال بهذا الشكل حتى بعد ذكر المصدر يعد سرقة كاملة”.
السؤال الأهم والمنطقي: لما كل هذه الضجة ولماذا حدثت في حالة باسم يوسف بالذات مع أن نفس الأمر يتكرر بصورة مستمرة مع كُتاب أعمدة ومقالات لهم وزنهم في مصر؟
الإجابة تكمن في نقطتين ّأساسيتين: أولا طبيعة الانترنت وخاصة مع تضخم شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أصبح من السهل التحقق من صحة الأخبار والمعلومات وكشف حالات النقل والسرقة الأدبية المنتشرة بكثافة في الاعلام الاليكتروني، بالإضافة أن شخصيات المشاهير على الانترنت –وحتى العاديين- ينظر إليهم بشكل مثالي خاصة وأن كانوا يمثلوا “الثورة” ومبادئها التي قامت من أجلها، وربما لا نستبعد تربص من جانب تيارات معينة، وإن كان هذا لا يسقط عن باسم خطأه!
ثانيا:أن شخصية بوزن وأهمية باسم يوسف من الطبيعي أن تثير مثل هذه الضجة، ناهيك عن طبيعة دوره وهدف برنامجه الأول، فمهمته التي تولاها هي كشف وفضح تدليس وتضليل إعلام السلطة ومن حولها، وهو ما نجح فيه وأوصله لمكانه ومصداقية لم تتوفر لغيره من الإعلاميين في مصر منذ سنوات ليست بالقليلة، فعليه أن يحافظ عليها وأن يكون على قدر مسئوليتها، وأن ينتبه أن لا تتكرر، فربما لا يغفر الجمهور مرة أخرى.
*صحفي مصري.